مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَٱلَّذِينَ هُمۡ لِلزَّكَوٰةِ فَٰعِلُونَ} (4)

الصفة الرابعة : قوله تعالى : { والذين هم للزكاة فاعلون } وفي الزكاة قولان : أحدهما : قول أبي مسلم : أن فعل الزكاة يقع على كل فعل محمود مرضي ، كقوله : { قد أفلح من تزكى } وقوله : { فلا تزكوا أنفسكم } ومن جملته ما يخرج من حق المال ، وإنما سمى بذلك لأنها تطهر من الذنوب لقوله تعالى : { تطهرهم وتزكيهم بها } . والثاني : وهو قول الأكثرين أنه الحق الواجب في الأموال خاصة وهذا هو الأقرب . لأن هذه اللفظة قد اختصت في الشرع بهذا المعنى ، فإن قيل إنه لا يقال في الكلام الفصيح إنه فعل الزكاة ، قلنا قال صاحب الكشاف : الزكاة اسم مشترك بين عين ومعنى ، فالعين القدر الذي يخرجه المزكي من النصاب إلى الفقير ، والمعنى فعل المزكي الذي هو التزكية وهو الذي أراده الله تعالى فجعل المزكين فاعلين له ولا يسوغ فيه غيره ، لأنه ما من مصدر إلا يعبر عن معناه بالفعل . ويقال لمحدثه فاعل ، يقال للضارب فاعل الضرب ، وللقاتل فاعل القتل ، وللمزكي فاعل الزكاة ، وعلى هذا الكلام كله يجوز أن يراد بالزكاة العين ، ويقدر مضاف محذوف وهو الأداء فإن قيل إن الله تعالى هناك لم يفصل بين الصلاة والزكاة ، فلم فصل ههنا بينهما بقوله : { والذين هم عن اللغو معرضون } ؟ قلنا لأن الإعراض عن اللغو من متممات الصلاة .