اعلم أنه سبحانه لما أمر بالعبادات في الآية المتقدمة ، والاشتغال بعبادة الله لا يصح إلا بعد معرفة الإله الخالق ، لا جرم عقبها بذكر ما يدل على وجوده واتصافه بصفات الجلال والوحدانية فذكر من الدلائل أنواعا :
النوع الأول : الاستدلال بتقلب الإنسان في أدوار الخلقة وأكوان الفطرة وهي تسعة :
المرتبة الأولى : قوله سبحانه تعالى : { ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين } والسلالة الخلاصة لأنها تسل من بين الكدر ، فعالة وهو بناء يدل على القلة كالقلامة والقمامة ، واختلف أهل التفسير في الإنسان فقال ابن عباس وعكرمة وقتادة ومقاتل : المراد منه آدم عليه السلام فآدم سل من الطين وخلقت ذريته من ماء مهين ، ثم جعلنا الكناية راجعة إلى الإنسان الذي هو ولد آدم ، والإنسان شامل لآدم عليه السلام ولولده ، وقال آخرون : الإنسان ههنا ولد آدم والطين ههنا اسم آدم عليه السلام ، والسلالة هي الأجزاء الطينية المبثوثة في أعضائه التي لما اجتمعت وحصلت في أوعية المني صارت منيا ، وهذا التفسير مطابق لقوله تعالى : { وبدأ خلق الإنسان من طين ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين } وفيه وجه آخر ، وهو أن الإنسان إنما يتولد من النطفة وهي إنما تتولد من فضل الهضم الرابع وذلك إنما يتولد من الأغذية ، وهي إما حيوانية وإما نباتية ، والحيوانية تنتهي إلى النباتية ، والنبات إنما يتولد من صفو الأرض والماء فالإنسان بالحقيقة يكون متولدا من سلالة من طين ، ثم إن تلك السلالة بعد أن تواردت على أطوار الخلقة وأدوار الفطرة صارت منيا ، وهذا التأويل مطابق للفظ ولا يحتاج فيه إلى التكلفات .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.