تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ثُمَّ إِنَّكُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ تُبۡعَثُونَ} (16)

الآيتان 15 و 16 : وقوله تعالى : { ثم إنكم بعد ذلك لميتون }{ ثم إنكم يوم القيامة تبعثون }قد ذكرنا فيما تقدم أن المقصود من خلق هذا العالم لم يكن الإماتة والإفناء ، ولكن ( المقصود ){[13330]} عاقبة ، تتأمل ، وتقصد ، حين{[13331]} قلبهم من حال إلى حال ، ثم لم يتركهم على حالة واحدة .

فلو كان المقصود من خلقهم الفناء والهلاك ، لا غير ، لكان تركهم على حال واحدة ، ولم يقبلهم من حال إلى حال . فدل التحويل والتقليب من حال إلى حال على أن المقصود من الخلق العاقبة على ما ذكرنا ، والله أعلم ، أنه أخبر أن خلقهم ، بلا عاقبة ، يقصد بها ، عبث حين{[13332]} قال : { أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا }( المؤمنون : 115 ) صير خلقهم لا للرجوع إليه عبثا ، وقال في آية أخرى : { ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها }الآية ( النحل : 92 ) صير نقض الغزل بعد إبرامه وقوته سفها منها .

فلا جائز أن يسفه تلك المرأة بنقض غزلها بعد الإحكام والإبرام بلا نفع يكون لها ، ثم هو يفعل ذلك ، إذ خلق الخلق للفناء والهلاك خاصة عبث ولهو . وعلى ذلك بناء البناء في الشاهد لا لعاقبة ومنفعة ، ولكن للهدم والنقض سفه ولعب . لذلك قلنا : إن خلق الخلق لا للموت خاصة ، ولكن لما ذكر من قوله : { ثم إنكم يوم القيامة تبعثون } أي تحيون .


[13330]:ساقطة من الأصل و م.
[13331]:في الأصل و م: حيث.
[13332]:في الأصل و م: حيث.