مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَلِلَّهِ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ وَإِلَى ٱللَّهِ ٱلۡمَصِيرُ} (42)

أما قوله سبحانه : { ولله ملك السماوات والأرض وإلى الله المصير } فهو مع وجازته فيه دلالة على تمام علم المبدأ والمعاد ، فقوله : { ولله ملك السماوات والأرض } تنبيه على أن الكل منه لأن كل ما سواه ممكن ومحدث والممكن والمحدث لا يوجدان إلا عند الانتهاء إلى القديم الواجب فدخل في هذه القضية جميع الأجرام والأعراض وأفعال العباد وأقوالهم وخواطرهم .

وأما قوله : { وإلى الله المصير } فهو عبارة تامة في معرفة المعاد وهو أنه لابد من مصير الكل إليه سبحانه ، وله وجه آخر وهو أن الوجود يبدأ من الأشرف فالأشرف نازلا إلى الأخس فالأخس ثم يأخذ من الأخس فالأخس مترقيا إلى الأشرف فالأشرف ، فإنه يكون جسما ثم يصيره موصوفا بالنباتية ثم الحيوانية ثم الإنسانية ثم الملكية ثم ينتهي إلى واجب الوجود لذاته ، فالاعتبار الأول هو قوله : { ولله ملك السماوات والأرض } والثاني هو قوله : { وإلى الله المصير } .