ثم قال تعالى : { لله ما في السماوات والأرض إن الله هو الغني الحميد }
ذكر بما يلزم منه ، وهو أنه يكون له ما فيهما والأمر كذلك عقلا وشرعا ، أما عقلا فلأن ما في السماوات المخلوقة مخلوق وإضافة خلقه إلى من منه خلق السماوات والأرض لازم عقلا لأنها ممكنة ، والممكن لا يقع ولا يوجد إلا بواجب من غير واسطة كما هو مذهب أهل السنة أو بواسطة كما يقوله غيرهم ، وكيفما فرض فكله من الله لأن سبب السبب سبب ، وأما شرعا فلأن من يملك أرضا وحصل منها شيء ما يكون ذلك لمالك الأرض فكذلك كل ما في السماوات والأرض حاصل فيهما ومنهما فهو لمالك السماوات والأرض وإذا كان الأمر كذلك تحقق أن الحمد كله لله . ثم قوله تعالى : { إن الله هو الغنى الحميد } فيه معان لطيفة أحدها : أن الكل لله وهو غير محتاج إليه غير منتفع به وفيها منافع فهي لكم خلقها فهو غني لعدم حاجته حميد مشكور لدفعه حوائجكم بها وثانيها : أن بعد ذكر الدلائل على أن الحمد كله لله ولا تصلح العبادة إلا لله افترق المكلفون فريقين مؤمن وكافر ، والكافر لم يحمد الله والمؤمن حمده فقال إنه غني عن حمد الحامدين فلا يلحقه نقص بسبب كفر الكافرين ، وحميد في نفسه فيتبين به إصابة المؤمنين وتكمل بحمده الحامدون وثالثها : هو أن السماوات وما فيها والأرض وما فيها إذا كانت لله ومخلوقة له فالكل محتاجون فلا غني إلا الله فهو الغني المطلق وكل محتاج فهو حامد ، لاحتياجه إلى من يدفع حاجته فلا يكون الحميد المطلق إلا الغني المطلق فهو الحميد ، وعلى هذا ( يكون ) الحميد بمعنى المحمود ، والله إذا قيل له الحميد لا يكون معناه إلا الواصف ، أي وصف نفسه أو عباده بأوصاف حميدة ، والعبد إذا قيل له حامد يحتمل ذلك المعنى ، ويحتمل كونه عابدا شاكرا له .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.