قوله تعالى : { ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون ، ونجيناه وأهله من الكرب العظيم ، وجعلنا ذريته هم الباقين ، وتركنا عليه في الآخرين ، سلام على نوح في العالمين ، إنا كذلك نجزي المحسنين ، إنه من عبادنا المؤمنين ، ثم أغرقنا الآخرين }
اعلم أنه تعالى لما قال من قبل : { ولقد ضل قبلهم أكثر الأولين } [ الصافات : 71 ] وقال : { فانظر كيف كان عاقبة المنذرين } [ الصافات : 73 ] أتبعه بشرح وقائع الأنبياء عليهم السلام فالقصة الأولى : حكاية حال نوح عليه السلام وقوله : { ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون } فيه مباحث :
الأول : أن اللام في قوله : { فلنعم المجيبون } جواب قسم محذوف والمخصوص بالمدح محذوف ، أي فلنعم المجيبون نحن .
البحث الثاني : أنه تعالى ذكر أن نوحا نادى ولم يذكر أن ذلك النداء في أي الوقائع كان ؟ لا جرم حصل فيه قولان الأول : وهو المشهور عند الجمهور أنه نادى الرب تعالى في أن ينجيه من محنة الغرق وكرب تلك الواقعة والقول الثاني : أن نوحا عليه السلام لما اشتغل بدعوة قومه إلى الدين الحق بالغوا في إيذائه وقصدوا قتله ، ثم إنه عليه السلام نادى ربه واستنصره على كفار قومه ، فأجابه الله تعالى ومنعهم من قتله وإيذائه ، واحتج هذا القائل على ضعف القول الأول بأنه عليه السلام إنما دعا عليهم لأجل أن ينجيه الله تعالى وأهله ، وأجاب الله دعاءه فيه فكان حصول تلك النجاة كالمعلوم المتيقن في دعائه ، وذلك يمنع من أن يقال المطلوب من هذا النداء حصول هذه النجاة .
ثم إنه تعالى لما حكى عن نوح أنه ناداه قال بعده : { فلنعم المجيبون } وهذه اللفظة تدل على أن تلك الإجابة كانت من النعم العظيمة ، وبيانه من وجوه :
الأول : أنه تعالى عبر عن ذاته بصيغة الجمع فقال : { ولقد نادانا نوح } والقادر العظيم لا يليق به إلا الإحسان العظيم . والثاني : أنه أعاد صيغة الجمع في قوله : { فلنعم المجيبون } وذلك أيضا يدل على تعظيم تلك النعمة . لا سيما وقد وصف تلك الإجابة بأنها نعمت الإجابة .
والثالث : أن الفاء في قوله : { فلنعم المجيبون } يدل على أن حصول هذه الإجابة مرتب على ذلك النداء ، والحكم المرتب على الوصف المناسب يقتضي كونه معللا به ، وهذا يدل على أن النداء بالإخلاص سبب لحصول الإجابة ،
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.