اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَلَقَدۡ نَادَىٰنَا نُوحٞ فَلَنِعۡمَ ٱلۡمُجِيبُونَ} (75)

قوله تعالى : { وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ } الآية . لما قال : ولقد ضل قبلهم أكثر الأولين وقال : «فانظر كيف كان عاقبة المنذرين » أتبعه بشرح وقائع الأنبياءَ - عليهم ( الصلاة و ) السلام - فقال : «وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ » أي نادى ربه أن ينجيه مَعَ من نَجْا من الغَرق ، وقيل : نادى ربه أي اسْتَنْصَرهُ على كفار قومه ، فأجاب الله دعاءه .

قوله : { فَلَنِعْمَ المجيبون } جواب لقسم مقدر أي فوالله{[47148]} ومثله :

4217- لَعَمْرِي لَنِعْمَ السَّيِّدَانِ وُجدتُمَا{[47149]} . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

والمخصوص بالمدح محذوف تقديره أي نَحْنُ{[47150]} أجَبْنَا دُعَاءه وأهلكنا قومه . { وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الكرب العظيم } واعلم أن هذه الإجابة كانت من النعم العظيمة وذلك من وجوه :

أحدها : أنه تعالى عبر عن ذاته بصيغة الجمع فقال : { وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ } والقادر العظيم لا يليق به إلا الإحسان العظيم .

وثانيها : أنه أعاد صيغة الجمع في قوله : فلنعم المجيبون ( من{[47151]} ذلك أيضاً يدل على تعظيم تلك النعمة لا سيما وقد وصف تلك الإجابة بأنها نعمة الإجابة .

وثالثها : أن الفاء في قوله : { فَلَنِعْمَ المجيبون } يدل على أن محصول{[47152]} هذه الإجابة مرتب{[47153]} على ذلك النداء والحكم المرتب على الوصف المناسب يقتضي كونه معلّلاً به . وهذا يدل على أن النداء بالإخلاص سبب لحصول الإجابة


[47148]:قاله في الدر 4/558.
[47149]:صدر بيت من الطويل لزهير من معلقته الشهيرة عجزه: على كل حال من سحيل ومبرم والرواية "يمينا لنعم" وعليه يكون الشاهد والتقدير: أقسم بالله يمينا لنعم أما الرواية هنا أعلى فلا شاهد حينئذ ورواية المؤلف كرواية السمين في الدر 4/558 وسحيل ومبرم قبيلتان. وانظر: السبع الطوال 260 والهمع 2/42 والبحر 7/364 والديوان 14.
[47150]:قاله ابن الأنباري في البيان 2/306 والعكبري في التبيان 1090 والسمين في الدر 4/558.
[47151]:ما بين القوسين كله ساقط من ب.
[47152]:في ب: حصول وهو الموافق للرازي.
[47153]:في ب: يترتب. وهو المخالف للرازي.