مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{ثُمَّ إِنَّ لَهُمۡ عَلَيۡهَا لَشَوۡبٗا مِّنۡ حَمِيمٖ} (67)

واعلم أنهم إذا شبعوا فحينئذ يشتد عطشهم ويحتاجون إلى الشراب ، فعند هذا وصف الله شرابهم ، فقال : { ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم } قال الزجاج : الشوب اسم عام في كل ما خلط بغيره ، والحميم الماء الحار المتناهي في الحرارة ، والمعنى أنه إذا غلبهم ذلك العطش الشديد سقوا من ذلك الحميم ، فحينئذ يشوب الزقوم بالحميم نعوذ بالله منهما .

واعلم أن الله وصف شرابهم في القرآن بأشياء منها كونه غساقا ، ومنها قوله : { وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم } ومنها ما ذكره في هذه الآية ، فإن قيل ما الفائدة في كلمة { ثم } في قوله : { ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم } ؟ قلنا فيه وجهان الأول : أنهم يملأون بطونهم من شجرة الزقوم وهو حار يحرق بطونهم فيعظم عطشهم ، ثم إنهم لا يسقون إلا بعد مدة مديدة والغرض تكميل التعذيب ، والثاني : أنه تعالى ذكر الطعام بتلك البشاعة والكراهة ، ثم وصف الشراب بما هو أبشع منه ، فكان المقصود من كلمة ثم بيان أن حال المشروب في البشاعة أعظم من حال المأكول ،