مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{يُبَصَّرُونَهُمۡۚ يَوَدُّ ٱلۡمُجۡرِمُ لَوۡ يَفۡتَدِي مِنۡ عَذَابِ يَوۡمِئِذِۭ بِبَنِيهِ} (11)

قوله تعالى : { يبصرونهم } يقال : بصرت به أبصر ، قال تعالى : { بصرت بما لم يبصروا به } ويقال : بصرت زيد بكذا فإذا حذفت الجار قلت : بصرني زيد كذا فإذا أثبت الفعل للمفعول به وقد حذفت الجار قلت : بصرني زيدا ، فهذا هو معنى يبصرونهم ، وإنما جمع فقيل : يبصرونهم لأن الحميم وإن كان مفردا في اللفظ فالمراد به الكثرة والجميع والدليل عليه قوله تعالى : { فما لنا من شافعين } ومعنى يبصرونهم يعرفونهم ، أي يعرف الحميم الحميم حتى يعرفه ، وهو مع ذلك لا يسأله عن شأنه لشغله بنفسه ، فإن قيل : ما موضع يبصرونهم ؟ قلنا : فيه وجهان ( الأول ) أنه متعلق بما قبله كأنه لما قال : { ولا يسأل حميم حميما } قيل : لعله لا يبصره فقيل يبصرونهم ولكنهم لاشتغالهم بأنفسهم لا يتمكنون من تساؤلهم ( الثاني ) أنه متعلق بما بعده ، والمعنى أن المجرمين يبصرون المؤمنين حال ما يود أحدهم أن يفدي نفسه لكل ما يملكه ، فإن الإنسان إذا كان في البلاد الشديد ثم رآه عدوه على تلك الحالة كان ذلك في نهاية الشدة عليه .

الصفة الرابعة : قوله : { يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه وصاحبته وأخيه } وفيه مسألتان :

المسألة الأولى : المجرم هو الكافر ، وقيل : يتناول كل مذنب .

المسألة الثانية : قرئ { يومئذ } بالجر والفتح على البناء لسبب الإضافة إلى غير متمكن ، وقرئ أيضا : { من عذاب يومئذ } بتنوين { عذاب } ونصب { يومئذ } وانتصابه بعذاب لأنه في معنى تعذيب .