روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَشَآقُّواْ ٱلرَّسُولَ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلۡهُدَىٰ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيۡـٔٗا وَسَيُحۡبِطُ أَعۡمَٰلَهُمۡ} (32)

{ إِنَّ الذين كَفَرُواْ وَصَدُّواْ } الناس { عَن سَبِيلِ الله وَشَاقُّواْ الرسول } صاروا في شق غير شقه ، والمراد عادوه { مّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهدى } لما شاهدوا من نعته عليه الصلاة والسلام في التوراة أو بما ظهر على يديه صلى الله عليه وسلم من المعجزات ونزل عليه عليه الصلاة والسلام من الآيات وهم بنو قريظة والنضير أو المطعمون يوم بدر وقد تقدم ذكرهم ، وقيل : أناس نافقوا بعد أن آمنوا { لَن يَضُرُّواْ الله } بكفرهم وصدهم { شَيْئاً } من الأشياء أو شيئاً من الضرر أو لن يضروا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمشاقته شيئاً ؛ وقد حذف المضاف لتعظيمه عليه الصلاة والسلام بجعل مضرته وما يلحقه كالمنسوب إلى الله تعالى وفيه تفظيع مشاقته صلى الله عليه وسلم .

{ وَسَيُحْبِطُ أعمالهم } في مكايدهم التي نصبوها في إبطال دينه تعالى ومشاقة رسوله عليه الصلاة والسلام فلا يصلون بها إلى ما كانوا يبغون من الغوائل ولا تثمر لهم إلا القتل والجلاء عن أوطانهم ونحو ذلك ، وجوز أن يراد أعمالهم التي عملوها في دينهم يرجون بها الثواب .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَشَآقُّواْ ٱلرَّسُولَ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلۡهُدَىٰ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيۡـٔٗا وَسَيُحۡبِطُ أَعۡمَٰلَهُمۡ} (32)

قوله تعالى : { إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله وشاقوا الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى لن يضروا الله شيئا وسيحبط أعمالهم 32 ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم 33 إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ثم ماتوا وهم كفار فلن يغفر الله لهم 34 فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم } .

ذلك تنديد من الله بأعداء الإسلام والمسلمين من المنافقين والمشركين وأهل الكتاب الذين يحادون الله ورسوله ويكيدون للإسلام والمسلمين كيدا . وهو قوله : { إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله وشاقوا الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى } المراد بذلك الظالمون الخاسرون على اختلاف مللهم ومذاهبهم وأهوائهم ، وأساليبهم في الكيد والكفر ، فإنهم جميعا يصدون الناس عن دين الله ، إذ يمنعونهم من الإقبال على الإسلام أو فهمه وإدراكه والتعرف عليه كيلا يدخلوا فيه ، وكذلك فإنهم يشاقون الرسول بمعاداته ومخالفته والتصدي له بالكيد والمكر والعدوان { من بعد ما تبين لهم الهدى } لقد تبين لهؤلاء أن رسول الله صادق أمين وأنه لا يقول على الله إلا الحق ، ويعلمون كذلك أن الإسلام حق وأنه يتضمن كل معاني الخير والعدل والمساواة والرحمة ، فهم لا يصدهم عن قبول الإسلام والدخول فيه إلا حقدهم واضطغانهم على الإسلام والمسلمين وفرط كراهيتهم لهذا الدين المبارك الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ، ولأن طبائعهم كزة وبور قد ران عليها التبلد والكفر والجحود .

قوله : { لن يضروا الله شيئا } لا يعبأ الله بكفر من كفر ولا بجحد من جحد . وإنما ضرر الكفر والجحود والصد عن دين الله عائد على الكافرين أنفسهم ، فهم قد خسروا أنفسهم لما حجبوا عنه شمس الإسلام الساطع المنير فباءوا بالخسران في هذه الدنيا حيث الظلم والفساد والحيرة والفوضى . وفي الآخرة حيث النار .

قوله : { وسيحبط أعمالهم } لا قيمة لأعمال الكافرين والمنافقين الذين يصدون عن دين الله ويكرهون البشرية في الإسلام . إنه لا وزن ولا قيمة لأعمالهم وإن كانت في صورتها خيّرة نافعة ، فهي جميعها صائرة إلى البطلان ، كالهباء المتناثر ذارت في الفضاء .