فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَشَآقُّواْ ٱلرَّسُولَ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلۡهُدَىٰ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيۡـٔٗا وَسَيُحۡبِطُ أَعۡمَٰلَهُمۡ} (32)

قوله : { إِنَّ الذين كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ الله } المراد بهؤلاء : هم المنافقون ، وقيل : أهل الكتاب ، وقيل : هم المطعمون يوم بدر من المشركين . ومعنى صدّهم عن سبيل الله : منعهم للناس عن الإسلام واتباع الرسول صلى الله عليه وسلم { و } ومعنى { شَاقُّواْ الرسول } : عادوه وخالفوه { مّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهدى } أي علموا أنه صلى الله عليه وسلم نبيّ من عند الله بما شاهدوا من المعجزات الواضحة ، والحجج القاطعة { لَن يَضُرُّواْ الله شَيْئاً } بتركهم الإيمان وإصرارهم على الكفر ، وما ضرّوا إلاّ أنفسهم { وَسَيُحْبِطُ أعمالهم } أي يبطلها ، والمراد بهذه الأعمال : ما صورته صورة أعمال الخير كإطعام الطعام ، وصلة الأرحام ، وسائر ما كانوا يفعلونه من الخير ، وإن كانت باطلة من الأصل ، لأن الكفر مانع ، وقيل : المراد بالأعمال : المكائد التي نصبوها لإبطال دين الله ، والغوائل التي كانوا يبغونها برسول الله صلى الله عليه وسلم .