{ بِمَيّتِينَ إِلاَّ مَوْتَتَنَا الاولى } التي كانت في الدنيا وهي متناولة عند أهل السنة لما في القبر بعد الإحياء للسؤال لعدم الاعتداد بالحياة فيه لكونها غير تامة ولا قارة وزمانها قليل جداً ، والاستثناء مفرغ من مصدر مقدر كأنه قيل أفما نحن بميتين موتة إلا موتتنا الأولى ، وجوز أن يكون منقطعاً أي لكن الموتة الأولى كانت لنا في الدنيا وعلمهم بأنهم لا يموتون ناشىء من إخبار أنبيائهم لهم في الدنيا وإعلامهم إياهم بأن أهل الجنة لا يموتون أو من قول الملائكة عليهم السلام لهم حين دخول الجنةْ { طبتم فادخلوها خالدين } [ الزمر : 73 ] وقولهم : { ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ءامِنِينَ } [ الحجر : 46 ] وقيل إن أهل الجنة خلود بلا موت ويا أهل النار خلود بلا موت فحينئذٍ يعلمونه فيقولون ذلك تحدثاً بنعمة الله تعالى واغتباطاً بها ، ولا يخفى أن كون هذا القول المحكي هنا عند علمهم بعدم الموت من ذبحه بعيد في هذا المقام والظاهر أن هذا بعد الاطلاع والكلام مع القرين { وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } كأصحاب النار ، والمراد استمرار النفي وتأكيده وكذا فيما تقدم واستمرار هذا النفي نعمة جليلة وهو متضمن نفي زوال نعيمهم المحكي في قوله تعالى : { أُوْلَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَّعْلُومٌ } [ الصافات : 41 ] الآيات فإن زوال النعيم نوع من العذاب بل هو من أعظم أنواعه بل تصور الزوال عذاب أيضاً لا يلذ معه عيش ، ولذا قيل
: إذا شئت أن تحيا حياة هنية *** فلا تتخذ شيئاً تخاف له فقدا
وكذا يتضمن نفي الهرم واختلال القوي الذي يوهمه نفي الموت فإن ذلك نوع من العذاب أيضاً ، وأنه إنما اختير التعرض لاستمرار نفي العذاب دون إثبات استمرار النعيم لأن نفي العذاب أسرع خطوراً ببال من لم يعذب عند مشاهدة من يعذب ، وقيل إن ذاك لأن درء الضرر أهم من جلب المنفعة .
{ أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } [ أي : يقوله المؤمن ، مبتهجا بنعمة اللّه على أهل الجنة بالخلود الدائم فيها والسلامة من العذاب ؛ استفهام بمعنى الإثبات والتقرير ] أي : يقول لقرينه المعذب : أفتزعم أننا لسنا نموت سوى الموتة الأولى ، ولا بعث بعدها ولا عذاب{[762]}
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{إلا موتتنا الأولى} التي كانت في الدنيا.
{وما نحن بمعذبين}، فقيل له: إنك لا تموت فيها.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
"وَما نَحْنُ بِمُعَذّبِينَ" يقول: وما نحن بمعذّبين بعد دخولنا الجنة.
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي 685 هـ :
{إلا موتتنا الأولى} التي كانت في الدنيا وهي متناولة لما في القبر بعد الإحياء للسؤال.
{وما نحن بمعذبين} كالكفار، وذلك تمام كلامه لقرينه تقريعا له أو معاودة إلى مكالمة جلسائه تحدثا بنعمة الله، أو تبجحا بها وتعجبا منها وتعريضا للقرين بالتوبيخ.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
لما ذكر نعمة الخلاص من الموت، ذكر نعمة الإنقاذ من الأكدار فقال: {وما} {نحن} وأكد النفي فقال: {بمعذبين}.
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي 911 هـ :
{وما نحن بمعذبين} هو استفهام تلذذ وتحدُّث بنعمة الله تعالى من تأبيد الحياة وعدم التعذيب.
تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :
{إِلاَّ مَوْتَتَنَا الأولَى} التي لا نزال نذوق ذكرياتها عندما انتقلنا من الدنيا إلى الآخرة.
{وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ} لأننا أخلصنا لله العبادة، وآمنَّا باليوم الآخر، وعشنا الاستعداد له.
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.