{ أفما نحن بميتين } ، قرأ زيد بن عليّ : بمائتين ، والظاهر أنه من كلام القائل : يسمع قرينه على جهة التوبيخ له ، أي لسنا أهل الجنة بميتين .
لكن الموتة الأولى كانت لنا في الدنيا ، بخلاف أهل النار ، فإنهم في كل ساعة يتمنون فيها الموت .
{ وما نحن بمعذبين } ، كحال أهل النار ، بل نحن منعمون دائماً .
ويكون في خطابه ذلك منكلاً له ، مقرعاً محزناً له أنعم الله به عليه من دخول الجنة ، معلماً له بتباين حاله في الآخرة بحاله .
كما كانتا تتباينان في الدنيا من أنه ليس بعد الموت جزاء ظهر له خلافه ، يعذب بكفره بالله وإنكار البعث .
ويجوز أن يكون خطاباً من القائل لرفقائه ، لما رأى ما نزل بقرينه ، وقفهم على نعمه تعالى في ديمومة خلودهم في الجنة ونعيمهم فيها .
ويتصل قوله : { إن هذا } إلى قوله : { العاملون } بهذا التأويل أيضاً ، لا واضحاً خطاباً لرفقائه .
ويجوز أن يكون تم كلامه عند قوله : { لتردين } ، ويكون { أفما نحن } إلى { بمعذبين } من كلامه وكلام رفقائه ، وكذلك { إن هذا } إلى { العاملون } : أي إن هذا الأمر الذي نحن فيه من النعيم والنجاة من النار .
وقيل : هو من قول الله تعالى ، تقريراً لقولهم وتصديقاً له وخطاباً لرسول الله وأمّته ، ويقوي هذا قوله : { لمثل هذا فليعمل العاملون } ، والآخرة ليست بدار عمل ، ولا يناسب ذلك قول المؤمن في الآخرة إلا على تجوز ، كأنه يقول : لمثل هذا ينبغي أن يعمل العاملون .
وقال الزمخشري : الذي عطف عليه الفاء محذوف معناه : أنحن مخلدون ؟ أي منعمون ، فما نحن بميتين ولا معذبين . انتهى .
وتقدم من مذهبه أنه إذا تقدمت همزة الاستفهام ، وجاء بعدها حرف العطف بضمير ما ، يصح به إقرار الهمزة والحرف في محليهما اللذين وقعا فيهما ، ومذهب الجماعة أن حرف العطف هو المقدم في التقدير ، والهمزة بعده ، ولكنه لما كانت الهمزة لها صدر الكلام قدمت ، فالتقدير عند الجماعة .
فأما وقد رجع الزمخشري إلى مذهب الجماعة ، وتقدم الكلام معه في ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.