{ والذي أَوْحَيْنَا عِلْمٌ مّنَ الكتاب } وهو القرآن ، و { مِنْ } للتبيين إذ القرآن أخص من الذي أوحينا مفهوماً وإن اتحدا ذاتاً أو جنس الكتاب ومن للتبعيض إذ المراد من { الذي أَوْحَيْنَا } هو القرآن وهو بعض جنس الكتاب ، وقيل هو اللوح ومن للابتداء { هُوَ الحق } إذا كان المراد الحصر فهو من قصر المسند إليه على المسند لا العكس لعدم استقامة المعنى إلا أن يقصد المبالغة قاله الخفاجي والمتبادر الشائع في أمثاله قصر المسند على المسند إليه وهو ههنا إن لم تقصد المبالغة قصر إضافي بالنسبة إلى ما يفتريه أهل الكتاب وينسبونه إلى الله تعالى .
{ مُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } أي لما تقدمه من الكتب السماوية ونصب { مُصَدّقاً } على الحالية والعامل فيه مقدر يفهم من مضمون الجملة قبله أي أحققه مصدقاً وهو حال مؤكدة لأن حقيته تستلزم موافقته الكتب الإلهية المتقدمة عليه بالزمان في العقائد وأصول الأحكام ، واللام للتقوية { إِنَّ الله بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ } محيط ببواطن أمورهم وظواهرها فلو كان في أحوالك ما ينافي النبوة لم يوح إليك مثل هذا الحق المعجز الذي هو عيار على سائر الكتب ، وتقديم { الخبير } للتنبيه على أن العمدة هي الأمور الروحانية ، وإلى ذلك أشار صلى الله عليه وسلم بقوله : «إن الله لا ينظر إلى أعمالكم وإنما ينظر إلى قلوبكم » .
{ 31 - 35 } { وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ * ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ * وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ * الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ }
يذكر تعالى أن الكتاب الذي أوحاه إلى رسوله { هُوَ الْحَقُّ } من كثرة ما اشتمل عليه من الحق ، كأن الحق منحصر فيه ، فلا يكن في قلوبكم حرج منه ، ولا تتبرموا منه ، ولا تستهينوا به ، فإذا كان هو الحق ، لزم أن كل ما دل عليه من المسائل الإلهية والغيبية وغيرها ، مطابق لما في الواقع ، فلا يجوز أن يراد به ما يخالف ظاهره وما دل عليه .
{ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } من الكتب والرسل ، لأنها أخبرت به ، فلما وجد وظهر ، ظهر به صدقها . فهي بشرت به وأخبرت ، وهو صدقها ، ولهذا لا يمكن أحدا أن يؤمن بالكتب السابقة ، وهو كافر بالقرآن أبدا ، لأن كفره به ، ينقض إيمانه بها ، لأن من جملة أخبارها الخبر عن القرآن ، ولأن أخبارها مطابقة لأخبار القرآن .
{ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ } فيعطي كل أمة وكل شخص ، ما هو اللائق بحاله . ومن ذلك ، أن الشرائع السابقة لا تليق إلا بوقتها وزمانها ، ولهذا ، ما زال اللّه يرسل الرسل رسولا بعد رسول ، حتى ختمهم بمحمد صلى اللّه عليه وسلم ، فجاء بهذا الشرع ، الذي يصلح لمصالح الخلق إلى يوم القيامة ، ويتكفل بما هو الخير في كل وقت .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.