وصيغة الماضي للدلالة على التحقق { الحمد للَّهِ الذي أَذْهَبَ عَنَّا الحزن } حزن تقلب القلب وخوف العاقبة على ما روى عن القاسم بن محمد ، وقال أبو الدرداء : حزن أهوال القيامة وما يصيب من ظلم نفسه هنالك .
وأخرج الحاكم وصححه : وابن أبي حاتم وغيرهما عن ابن عباس حزن النار . وقال الضحاك حزن الموت يقولون ذلك إذا ذبح الموت ، وقال مقاتل : حزن الانتقال يقولون ذلك إذا استقروا فيها ، وقال قتادة : حزن أن لا تتقبل أعمالهم ، وقال الكلبي : خوف الشيطان ، وقال سمرة بن جندب : حزن معيشة الدنيا الخبز ونحوه ، وعن ابن عباس حزن الآفات والأعراض وقيل : حزن كراء الدار والأولى أن يراد جنس الحزن المنتظم لجميع أحزان الدين والدنيا والآخرة ، وكل ما سمعت من باب التمثيل وقد تقدم في الحديث «إن الذين ظلموا أنفسهم هم الذين يقولون » أي بعد أن يتلقاهم الله تعالى برحمته { الحمد للَّهِ الذي أَذْهَبَ عَنَّا الحزن } الخ فلا تغفل وقرئ الحزن بضم الحاء وسكون الزاي ذكره جناح بن حبيش { إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ } للمذنبين { شَكُورٍ } للمطيعين .
وأخرج ابن المنذر : وغيره عن ابن عباس أنه قال في ذلك . غفر لنا العظيم من ذنوبنا وشكر لنا القليل من أعمالنا ، وفي «الكشاف » ذكر السكور دليل على أن القوم كثير والحسنات ، وكان عليه أن يقول : وذكر الغفور دليل على أنهم كثير والفرطات فينطبق على الفرق ولا ينفك النظم ولكن منعه المذهب .
ومن باب الإشارة : { وَقَالُواْ الحمد للَّهِ الذي أَذْهَبَ عَنَّا الحزن } حزن تخيل الهجر فلا حزن للعاشق أعظم من حزن تخيل هجر معشوقه له وجفوته إياه { إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ } [ فاطر : 4 3 ] فلا بدع إذا أذهب عنا ذلك وآمننا من القطيعة والهجران
{ و } لما تم نعيمهم ، وكملت لذتهم { قَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ } وهذا يشمل كل حزن ، فلا حزن يعرض لهم بسبب نقص في جمالهم ، ولا في طعامهم وشرابهم ، ولا في لذاتهم ولا في أجسادهم ، ولا في دوام لبثهم ، فهم في نعيم ما يرون عليه مزيدا ، وهو في تزايد أبد الآباد .
{ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ } حيث غفر لنا الزلات { شَكُورٌ } حيث قبل منا الحسنات وضاعفها ، وأعطانا من فضله ما لم تبلغه أعمالنا ولا أمانينا ، فبمغفرته نجوا من كل مكروه ومرهوب ، وبشكره وفضله حصل لهم كل مرغوب محبوب .
قوله تعالى : { وقالوا } أي : ويقولون إذا دخلوا الجنة : { الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن } والحزن واحد كالبخل والبخل ، قال ابن عباس : حزن النار . وقال قتادة : حزن الموت . وقال مقاتل : حزنوا لأنهم كانوا لا يدرون ما يصنع الله بهم . وقال عكرمة : حزن الذنوب والسيئات وخوف رد الطاعات . وقال القاسم : حزن زوال النعم وتقليب القلب ، وخوف العاقبة ، وقيل : حزن أهوال يوم القيامة . وقال الكلبي : ما كان يحزنهم في الدنيا من أمر يوم القيامة . وقال سعيد بن جبير : هم الخبز في الدنيا . وقيل : هم المعيشة . وقال الزجاج : أذهب الله عن أهل الجنة كل الأحزان ما كان منها لمعاش أو معاد .
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن الضحاك الخطيب ، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الإسفرايني ، أنبأنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي ، أنبأنا أبو العباس أحمد بن محمد الترابي ، حدثنا يحيى بن عبد الحميد ، حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة في قبورهم ولا في منشرهم ، وكأني بأهل لا إله إلا الله ينفضون التراب عن رؤوسهم ، ويقولون : ( الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن ) . { إن ربنا لغفور شكور* }
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.