{ واصبر } أي على مشاق امتثال ما كلفت به ، في الكشاف إن هذا كرور منه تعالى إلى التذكير بالصبر بعد ما جاء بما هو خاتمة للتذكير لفضل خصوصية ومزية وتنبيه على مكان الصبر ومحله كأنه قال : وعليك بما هو أهم مما ذكرت به وأحق بالتوصية وهو الصبر على امتثال ما أمرت به والانتهاء عما نهيت عنه فلا يتم شيء منه إلا به انتهى .
ووجه كونه كريراً إلى ما ذكر بأن الأمر بالاستقامة أمر بالثبات قولاً وفعلاً وعقداً وهو الصبر على طاعة الله تعالى ويتضمن الصبر عن معصيته ضرورة على أن ما ذكره سبحانه كله لا يتم إلا بالصبر ففي ضمن الأمر به أمر بالصبر ، واعترض اعتبار الانتهاء عما نهى عنه من متعلقات الصبر إذ لا مشقة في ذلك ، واعتذر عن ذلك بأنه يمكن أن يراد بما نهى عنه من الطغيان والركون ما لا يمكن عادة خلو البشر عنه من أدنى ميل بحكم الطبيعة من الاستقامة المأمور بها ومن يسير ميل بحكم البشرية إلى من وجد منه ظلم فإن في الاحتراز عن أمثاله من المشقة ما لا يخفى ، وتعقب بأن ما هو من توابع الطبيعة لا يكون من متعلقات النهي ، ولهذا ذكروا أن حب المسلم لولده الكافر مثلاً لا إثم فيه ، فالأولى أن يقال : إن وجود المشقة في امتثال مجموع ما كلف به يكفي في الغرض ، وقيل : المراد من الصبر المأمور به المداومة على الصلاة كأنه قيل : أقم الصلاة أي أدّها تامة ودوام عليها نظير قوله تعالى : { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بالصلاة واصطبر عَلَيْهَا } [ طه : 132 ] { فَإِنَّ الله لاَ يُضِيعُ أَجْرَ المحسنين } أي يوفيهم ثواب أعمالهم من غير بخس أصلاً ، وعبر ذلك بنفي الإضاعة بياناً لكمال نزاهته تعالى عن حرمانهم شيئاً من ثوابهم ، وعدل عن الضمير ليكون كالبرهان على المقصود مع إفادة فائدة عامة لكل من يتصف بذلك وهو تعليل للأمر بالصبر ، وفيه إيماء إلى أن الصبر على ما ذكر من باب الإحسان ، وعن مقاتل أنه فسر الإحسان هنا بالإخلاص .
وعن ابن عباس أنه قال : المحسنون المصلون وكأنه نظر إلى سياق الكلام ، هذا ومن البلاغة القرآنية أن الأوامر بأفعال الخير أفردت للنبي صلى الله عليه وسلم وإن كانت عامة في المعنى ، والمناهي جمعت للأمة ، وما أعظم شأن الرسول عليه الصلاة والسلام عند ربه جل وعلا .
( ومن باب الإشارة ) :{ فإِنَّ الله لاَ يُضِيعُ أَجْرَ المحسنين } [ هود : 115 ] الذين يشاهدونه في حال القيام بالحقوق
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.