ولما كان الصبر لله على المكاره أعلى الطاعة ، أتبع ذلك قوله : { واصبر } أي ليكن منك صبر على الطاعات وعن المعاصي ولا تترك إنذارهم بما أمرت به مهما كان ولا تخفهم ، فإن العاقبة لك إذا فعلت ؛ ولما كان المقام الصبر صعباً {[40270]}والاستقامة{[40271]} على المحمود منه خاصة{[40272]} خطراً ، وكانت النفس - لما لها من الجزع في كثير من الأحوال - كالمنكرة ، أكدَّ قوله : { فإن } {[40273]}الصبر هو الإحسان كل الإحسان وإن { الله } أي المحيط بصفات الكمال { لا يضيع } أي بوجه من الوجوه { أجر المحسنين* } أي العريقين في وصف الإحسان بحيث إنهم يعبدون الله كأنهم يرونه ، فلذلك يهون عليهم الصبر ، ولذلك لأن الطاعة كلفة فلا تكون{[40274]} إلا بالصبر ، وكل ما عداها فهو هوى النفس لا صبر فيه ، فالدين كله صبر " حفت الجنة بالمكاره والنار بالشهوات " ولذا فضل ثواب الصابر{ إنما يوفى{[40275]} الصابرون أجرهم بغير حساب }[ الزمر : 10 ] والصبر المحمود : حبس النفس عن الخروج إلى ما لا يجوز من ترك الحق ، ونقيضه الجزع ، قال الشاعر :إن تصبر فالصبر خير مغبةً *** وإن تجزعا فالأمر ما تريان
وهو من الصبر الذي هو المر المعروف لأنه تجرع{[40276]} مرارة الحق بحبس النفس عن{[40277]} الخروج إلى المشتهى مع الزاجر المعتبر من الشرع والعقل ، فهو أكره{[40278]} شيء إلى النفس{[40279]} ، والمعين عليه ما في استشعار لزوم الحق من العز والأجر بالطاعة والعلم بما يعقب من الخير في كل وجه وعادة النفس له ، وقد غلب إطلاقه {[40280]}على الحق حتى لا يجوز إطلاقه{[40281]} إلا فيه - قاله الرماني .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.