روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{وَٱلَّذِينَ هُمۡ عَنِ ٱللَّغۡوِ مُعۡرِضُونَ} (3)

{ والذين هُمْ عَنِ اللغو } وهو ما لا يعتد به من الأقوال والأفعال ، وعن ابن عباس تفسيره بالباطل ، وشاع في الكلام الذي يورد لا عن روية وفكر فيجري مجرى اللغاء وهو صوت العصافير ونحوها من الطير : وقد يسمى كل كلام قبيح لغواً ، ويقال فيه كما قال أبو عبيدة لغو ولغا نحو عيب وعاب ، وأنشد :

عن اللغا ورفث التكليم ***

{ مُّعْرِضُونَ } في عامة أوقاتهم لما فيه من الحالة الداعية إلى الإعراض عنه مع ما فيهم من الاشتغال بما يعنيهم ، وهذا أبلغ من أن يقال : لا يلهون من وجوه ، جعل الجملة اسمية دالة على الثبات والدوام ، وتقديم الضمير المفيد لتقوى الحكم بتكريره ، والتعبير في المسند بالاسم الدال كما شاع على الثابت ، وتقديم الظرف عليه المفيد للحصر ، وإقامة الإعراض مقام الترك ليدل على تباعدهم عنه رأساً مباشرة وتسبباً وميلاً وحضوراً فإن أصله أن يكون في عرض أي ناحية غير عرضه .

ومن باب الإشارة : { والذين هُمْ عَنِ اللغو مُّعْرِضُونَ } [ المؤمنون : 3 ] قال بعضهم : اللغو كل ما يشغل عن الحق عز وجل .

وقال أبو عثمان : كل شيء فيه للنفس حظ فهو لغو ، وقال أبو بكر بن طاهر : كل ما سوى الله تعالى فهو لغو