روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{كَذَٰلِكَ يَطۡبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَ} (59)

{ كذلك } أي مثل ذلك الطبع الفظيع ، وجوز أن يكون المعنى مثل ذلك القول { يَطْبَعُ } أي يختم { الله } الذي جلت عظمته وعظمت قدرته { على قُلُوبِ الذين لاَ يَعْلَمُونَ } أي لا يطلبون العلم ولا يتحرون الحق بل يصرون على خرافات اعتقدوها وترهات ابتدعوها ، فإن الجهل المركب يمنع إدراك الحق ويوجب تكذيب المحق ، ومن هنا قالوا : هو شر من الجهل البسيط ، وما ألطف ما قيل :

قال حمار الحكيم توما *** لو أنصفوني لكنت أركب لأنني جاهل بسيط

وصاحبي جاهل مركب *** وإطلاق العلم على الطلب مجاز لما أنه لازم له عادة وقيل : المعنى يطبع الله تعالى على قلوب الذين ليسوا من أولى العلم ، وليس بذاك ، والمراد من { الذين لاَ يَعْلَمُونَ } يحتمل أن يكون الذين كفروا فيكون قد وضع الموصول موضع ضميرهم للنعي بما في حيز العلة ، ويحتمل أن يكون عاماً ويدخل فيه أولئك دخولاً أولياً .

وظاهر كلام بعض الأجلة يميل إلى الاحتمال الأول ، وقد تقدم الكلام في طبعه وختمه عز وجل على القلب .