{ يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ } أي يصرف عن الايمان بما كلفوا الايمان به لدلالة الكلام السابق عليه ، وقال الحسن . وقتادة : عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقال غير واحد : عن القرآن ، والكلام السابق مشعر بكل من صرف الصرف الذي لا أشد منه وأعظم ؛ ووجه المبالغة من إسناد الفعل إلى من وصف به فلولا غرض المبالغة لكان من توضيح الواضح فكأنه أثبت للمصروف صرف آخر حيث قيل : { يُصْرَفْ عَنْهُ } المصروف فجاءت المبالغة من المضاعفة ثم الإطلاق في المقام الخطابي له مدخل في تقوية أمر المضاعفة وكذلك الإبهام الذي في الموصول ، وهو قريب من قوله تعالى : { فَغَشِيَهُمْ مّنَ اليم مَا غَشِيَهُمْ } [ طه : 87 ] وقيل : المراد { يُصْرَفْ عَنْهُ } في الوجود الخارجي من { صَرَفَ * عَنْهُ } في علم الله تعالى وقضائه سبحانه ، وتعقب بأنه ليس فيه كثير فائدة لأن كل ما هو كائن معلوم أنه ثابت في سابق علمه تعالى الأزلي وليس فيه المبالغة السابقة ، وأجيب عن الأول بأن فيه الإشارة إلى أن الحجة البالغة لله عز وجل في صرفه وكفى بذلك فائدة وهو مبني أن العلم تابع للمعلوم فافهمه ، وحكى الزهراوي أنه يجوز أن يكون الضمير { لِمَا تُوعَدُونَ } [ الذاريات : 5 ] أو للدين أقسم سبحانه بالذاريات على أن وقوع أمر القيامة حق ثم أقسم بالسماء على أنهم في { قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ } في وقوعه ، فمنهم شاك ، ومنهم جاحد ثم قال جل وعلا : { يُؤْفَكُ } عن الإقرار بأمر القيامة من هو المأفوك ، وذكر ذلك الزمخشري ولم يعزه ، وادعى «صاحب الكشف » أنه أوجه لتلاؤم الكلام ، وقيل : يجوز أن يكون الضمير لقول مختلف وعن للتعليل كما في قوله تعالى : { وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِى ءالِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ } [ هود : 53 ]
) . ينهون عن أكل وعن شرب *** مثل المها يرتعن في خصب
أي يصرف بسبب ذلك القول المختلف من أراد الإسلام ، وقال الزمخشري : حقيقته يصدر إفكهم عن القول المختلف ، وهذا محتمل لبقاء عن على أصلها من المجاوزة واعتبار التضمين ، وفيه ارتكاب خلاف الظاهر من غير داع مع ذهاب تلك المبالغة ، وجوز ابن عطية رجوع الضمير إلى القول إلا أنه قال : المعنى يصرف عن ذلك القول المختلف بتوفيق الله تعالى للإسلام من غلبت سعادته ، وتعقبه بأن فيه مخالفة للعرف فإن عرف الاستعمال في الإفك الصرف من خير إلى شر فلذلك لا تجده إلا في المذمومين ، ثم إن ذلك على كون الخطاب في أنكم للكفار وهو الذي ذهب إليه ابن زيد وغيره واستظهر أبو حيان كونه عاماً للمسلم والكافر ، واستظهر العموم فيما سبق أيضاً ، والقول المخلف حينئذ قول المسلمين بصدق الرسول عليه الصلاة والسلام ، وقول الكفار بنقيض ذلك ، وقرأ ابن جبير . وقتادة { مَنْ أُفِكَ } مبنياً للفاعل أي من أفك الناس عنه وهم قريش ، وقرأ زيد بن علي يأفك عنه من أفك أي يصرف الناس عنه من هو أفاك كذاب ، وقرئ يؤفن عنه من أفن بالنون فيهما أي يحرمه من حرم من أفن الضرع إذا أنهكه حلباً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.