روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{وَزَكَرِيَّا وَيَحۡيَىٰ وَعِيسَىٰ وَإِلۡيَاسَۖ كُلّٞ مِّنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (85)

{ وَزَكَرِيَّا } هو ابن ازن بن بركيا كان من ذرية سليمان عليهما السلام وقتل بعد قتل ولده وكان له يوم بشر به اثنتان وتسعون ، وقيل : تسع وتسعون ، وقيل : مائة وعشرون سنة وهو اسم أعجمي وفيه خمس لغات أشهرها المد والثانية القصر وقرىء بهما في السبع وَزكَرِيُّ بتشديد الياء وتخفيفها وزكر كقلم . { ويحيى } ابنه وهو اسم أعجمي ، وقيل : عربي ، وعلى القولين كما قال الواحدي لا ينصرف ، وسمي بذلك على القول الثاني لأنه حيي به رحم أمه ، وقيل : غير ذلك { وَعِيسَى } ابن مريم وهو اسم عبراني أو سرياني وفي «الصحيح » «أنه ربعة أحمر كأنما خرج من ديماس » وفي ذكره عليه السلام دليل على أن الذرية يتناول أولاد البنات لأن انتسابه ليس إلا من جهة أمه وأورد عليه أنه ليس له أب يصرف إضافته إلى الأم إلى نفسه فلا يظهر قياس غيره عليه في كونه ذرية لجده من الأم . وتعقب بأن مقتضى كونه بلا أب أن يذكر في حيز الذرية وفيه منع ظاهر والمسألة خلافية ، والذاهبون إلى دخول ابن البنت في الذرية يستدلون بهذه الآية وبها احتج موسى الكاظم رضي الله تعالى عنه على ما رواه البعض عن الرشيد . وفي «التفسير الكبير » «أن أبا جعفر رضي الله تعالى عنه استدل بها عند الحجاج بن يوسف » وبآية المباهلة حيث دعا صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين رضي الله تعالى عنهما بعد ما نزل { تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ } [ آل عمران : 61 ] . وادعى بعضهم أن هذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم وقد اختلف إفتاء أصحابنا في هذه المسألة ، والذي أميل إليه القول بالدخول .

{ وَإِلْيَاسَ } قال ابن إسحق في «المبتدأ » : هو ابن يس بن فنحاص بن العيزار بن هارون أخي موسى بن عمران عليهم السلام . وحكى القتبي أنه من سبط يوشع ، وقيل : من ولد إسمعيل عليه السلام . وعن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه إدريس وهو على ما قال ابن إسحق يرد بن مهلاييل بن أنوش بن قينان بن شيث بن آدم وهو جد نوح كما أشرنا إليه وروي ذلك عن وهب بن منبه ، وفي «المستدرك » عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه كان بين نوح وإدريس ألف سنة وعلى القول بأنه قبل نوح يكون البيان مختصاً بمن في الآية الأولى ، ونص الشهاب أن قوله تعالى : { وَزَكَرِيَّا } وما بعده حينئذ معطوفاً على مجموع الكلام السابق .

{ كُلٌّ } أي كل واحد من أولئك المذكورين { مّنَ الصالحين } أي الكاملين في الصلاح الذي هو عبارة عن الإتيان بما ينبغي والتحرز عما لا ينبغي وهو مقول بالتشكيك فيوصف بما هو من أعلى مراتب الأنبياء عليهم السلام والجملة اعتراض جيء بها للثناء عليهم بمضمونها .