التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{ٱذۡهَبۡ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ إِنَّهُۥ طَغَىٰ} (24)

قوله : { اذهب إلى فرعون إنه طغى } أمره ربه أن يذهب إلى فرعون مبلغا وناصحا وهاديا ، فقد طغى ؛ أي أفرط في العصيان والاستكبار ومجاوزة الحد ؛ إذ خرج عن حد العبودية إلى دعوى الربوبية . وهذه مغالاة فظيعة وإفراط بالغ في النكر لا يبلغه إلا الأخسرون من رؤوس الشياطين في هذه الدنيا من أمثال الطاغية فرعون .

عندئذ أحس موسى بثقل الوجيبة الهائلة التي أنيطت به . وهي أمانة التبليغ لدعوة الله وإيصالها لهذا الشقي الكنود ، المغالي في الجحود والكفران . فدعا ربه أن يشرح له صدره ؛ أي يجعله واسعا فيحتمل المشاق ورديء الأخلاق من هذا الظالم المتجبر . ودعا ربه أيضا أن يفتح ما بلسانه من عجمة أو رتة في الكلام كانت فيه من الجمرة التي وضعها على لسانه في صباه . وذلك لما أخذ موسى لحية فرعون ولطمه بشدة وهو صغير ، فأراد فرعون أن يقتله ، فقالت له امرأته الصالحة الفضلى آسيا : إنه صغير لا يعقل فأتت بطستين ، في أحدهما جمر ، وفي الآخر جوهر . فأخذ جبريل بيد موسى فوضعها على النار حتى رفع جمرة منها فوضعها في فيه على لسانه فكانت هذه الرتة{[2953]}


[2953]:- الرتة: بص. أرته الله فرت؛ إذا تعتع في التاء. والأرث، الألتغ، والرتى: للتغاء. انظر القاموس المحيط جـ1 ص 151 والمعجم الوسيط جـ1 ص 327.