البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{ٱذۡهَبۡ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ إِنَّهُۥ طَغَىٰ} (24)

ولما أراه تعالى هاتين المعجزتين العظيمتين في نفسه وفيما يلابسه وهو العصا أمره بالذهاب إلى فرعون رسولاً من عنده تعالى وعلل حكمة الذهاب إليه بقوله { إنه طغى } وخص فرعون وإن كان مبعوثاً إليهم كلهم لأنه رأس الكفر ومدعّي الإلهية وقومه تباعه .

قال وهب بن منبه : قال الله لموسى عليه السلام اسمع كلامي واحفظ وصيتي وانطلق برسالتي أرعاك بعيني وسمعي ، وإن معك يدي ونصري ، وألبسك جنة من سلطاني تستكمل بها العزة في أمري أبعثك إلى خلق ضعيف من خلقي بطر نعمتي وأمن مكري وغرته الدنيا حتى جحد حقي وأنكر ربوبيتي ، أقسم بعزتي لولا الحجة والقدر الذي وضعت بيني وبين خلقي لبطشت به بطشة جبار ، ولكن هان عليّ وسقط من عيني فبلغه رسالتي وادعه إلى عبادتي وحذره نقمتي .

وقل له قولاً ليناً فإن ناصيته بيدي لا يطرف ولا يتنفس إلاّ بعلمي في كلام طويل .

قال : فسكت موسى عليه السلام سبعة أيام .

وقيل : أكثر فجاءه ملك فقال أنفذ ما أمرك ربك .