التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قَالَ فَمَا خَطۡبُكَ يَٰسَٰمِرِيُّ} (95)

التفت موسى بتوجيه الخطاب إلى السامريّ الذي كان سبباً في إضلال القوم ، فالجملة ناشئة عن قول القوم { فكذلك ألقى السامريّ فأخرج لهم عجلاً } [ طه : 88 ] الخ ، فهي ابتداء خطاب . ولعل موسى لم يغلظ له القول كما أغلظ لهارون لأنه كان جاهلاً بالدّين فلم يكن في ضلاله عجب . ولعل هذا يؤيد ما قيل : إن السامريّ لم يكن من بني إسرائيل ولكنه كان من القِبط أو من كِرمان فاندسّ في بني إسرائيل . ولما كان موسى مبعوثاً لبني إسرائيل خاصة ولفرعون وملئه لأجل إطلاق بني إسرائيل ، كان اتّباع غير الإسرائيليين لشريعة موسى أمراً غير واجب على غير الإسرائيليين ولكنه مرغّب فيه لما فيه من الاهتداء ، فلذلك لم يعنفه موسى لأنّ الأجدر بالتعنيف هم القوم الذين عاهدوا الله على الشريعة .

ومعنى { ما خطبك } ما طَلبك ، أي ماذا تخطب ، أي تطلب ، فهو مصدر . قال ابن عطية : « وهي كلمة أكثر ما تستعمل في المَكاره ، لأن الخطب هو الشأن المكروه . كقوله تعالى : { فما خَطبكم أيها المرسلون } [ الذاريات : 31 ] ، فالمعنى : ما هي مصيبتك التي أصبت بها القوم وما غرضك مما فعلت .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{قَالَ فَمَا خَطۡبُكَ يَٰسَٰمِرِيُّ} (95)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{قال فما خطبك} يعني: فما أمرك؟ {يا سامري}، يقول: فما حملك على ما أرى؟

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يعني تعالى ذكره بقوله:"فمَا خَطْبُكَ يا سامِرِيّ" قال موسى للسامري: فما شأنك يا سامري؟ وما الذي دعاك إلى ما فعلته؟

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

وأصل الخطب: الجليل من الأمر، فكأنه قيل: ما هذا العظيم الذي دعاك إلى ما صنعت.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

الخطب: مصدر خطب الأمر إذا طلبه، فإذا قيل لمن يفعل شيئاً: ما خطبك؟ فمعناه: ما طلبك له؟

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

المعنى قال موسى مخاطباً للسامري {فما خطبك يا سامري}، وقوله {ما خطبك} كما تقول ما شأنك وما أمرك؟ لكن لفظة الخطب تقتضي انتهارا لأن الخطب مستعمل في المكاره، فكأنه قال ما نحسك وما شؤمك وما هذا الخطب الذي جاء من قبلك؟

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما فرغ من نصيحة أقرب الناس إليه وأحقهم بنصيحته وحفظه على الهدى إذ كان رأس الهداة، تشوف السامع إلى ما كان من غيره، فاستأنف تعالى ذكره بقوله: {قال} أي موسى عليه السلام لرأس أهل الضلال معرضاً عن أخيه بعد قبول عذره. جاعلاً ما نسب إليه سبباً لسؤاله عن الحامل له عليه: {فما خطبك} أي أمرك هذا العجيب العظيم الذي حملك على ما صنعت وأخبرني العزيز العليم أنك أنت أضللتهم به {يا سامري}

تفسير القرآن للمراغي 1371 هـ :

وبعد أن انتهى من سماع اعتذار قومه وإسنادهم الفساد إلى السامري ومن سماع اعتذار هارون وجه الكلام إلى السامري: {قال فما خطبك يا سامري} أي قال موسى للسامري: ما شأنك وما الذي دهاك حتى فعلت ذلك الأمر الجلل؟ وقد خاطبه بهذا ليظهر للناس بطلان كيده باعترافه، ويفعل به وبما أخرجه ما يكون نكالا للمفتونين به ولمن خلفهم من الأمم.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

عندئذ يتجه موسى بغضبه وانفعاله إلى السامري صاحب الفتنة من أساسها. إنما لم يتوجه إليه منذ البدء، لأن القوم هم المسؤولون ألا يتبعوا كل ناعق، وهارون هو المسؤول أن يحول بينهم وبين اتباعه إذا هموا بذلك وهو قائدهم المؤتمن عليهم. فأما السامري فذنبه يجيء متأخرا لأنه لم يفتنهم بالقوة، ولم يضرب على عقولهم، إنما أغواهم فغووا، وكانوا يملكون أن يثبتوا على هدى نبيهم الأول ونصح نبيهم الثاني. فالتبعة عليهم أولا وعلى راعيهم بعد ذلك. ثم على صاحب الفتنة والغواية أخيرا...

اتجه موسى إلى السامري! (قال: فما خطبك يا سامري؟).. أي ما شأنك وما قصتك. وهذه الصيغة تشير إلى جسامة الأمر، وعظم الفعلة.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

ولعل موسى لم يغلظ له القول كما أغلظ لهارون لأنه كان جاهلاً بالدّين فلم يكن في ضلاله عجب. ولعل هذا يؤيد ما قيل: إن السامريّ لم يكن من بني إسرائيل ولكنه كان من القِبط أو من كِرمان فاندسّ في بني إسرائيل. ولما كان موسى مبعوثاً لبني إسرائيل خاصة ولفرعون وملئه لأجل إطلاق بني إسرائيل، كان اتّباع غير الإسرائيليين لشريعة موسى أمراً غير واجب على غير الإسرائيليين ولكنه مرغّب فيه لما فيه من الاهتداء، فلذلك لم يعنفه موسى لأنّ الأجدر بالتعنيف هم القوم الذين عاهدوا الله على الشريعة. ومعنى {ما خطبك} ما طَلبك، أي ماذا تخطب، أي تطلب، فهو مصدر.