فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قَالَ فَمَا خَطۡبُكَ يَٰسَٰمِرِيُّ} (95)

ثم ترك موسى الكلام مع أخيه وخاطب السامري { قال فما خطبك } أي ما شأنك الداعي ؟ وما الذي حملك على ما صنعت { يا سامري ، قال بصرت بما لم يبصروا به } أي رأيت ما لم يروا وعلمت بما لم يعلموا وفطنت لما لم يفطنوا له وأراد بذلك أنه رأى جبريل على فرس الحياة فألقى في ذهنه أن يقبض قبضة من أثره ، وأن ذلك الأثر لا يقع على جماد إلا صار حيا .

وقرئ لم تبصروا بالفوقية على الخطاب وبالتحتية وهي أولى لأنه يبعد كل البعد أن يخاطب موسى بذلك ويدعي لنفسه أنه علم ما لم يعلم به موسى يقال بصر بالشيء أي علمه وأبصره أي نظر إليه . كذا قال الزجاج ، وقيل هما بمعنى علمه والعامة على ضم الصاد ، وقرئ بالكسر وهي لغة .

{ فقبضت قبضة } بالضاد المعجمة فيهما ، وقرئ بالصاد المهملة فيهما ، والفرق بينهما أن ما بالمعجمة هو الأخذ بجميع الكف ، وما بالمهملة بأطراف الأصابع والقبضة بضم القاف القدر المقبوض .

قال الجوهري : هي ما قبضت عليه من شيء . قال وربما جاء بالفتح وقد قرئ قبضة بضم القاف وفتحها ومعنى الفتح المرة من القبض ثم أطلقت على المقبوض وهو معنى القبضة بضم القاف .

{ من أثر الرسول } أي من المحل الذي وقع عليه حافر فرس جبريل أي الملك الذي أرسل إليك ليذهب بك إلى الطور للمناجاة وأخذ التوراة ولعل ذكره بعنوان الرسالة للإشعار بوقوفه على ما لم يقف عليه القوم ، وللتنبيه على وقت أخذ القبضة .

{ فنبذتها } أي فطرحتها في الحلي المذابة المسبوكة على صورة العجل فخار { وكذلك } أي ومثل ذلك التسويل { سوّلت } أي زينت { لي نفسي } قاله الأخفش ، وقيل حدثتني نفسي أن أفعله ففعلته إتباعا لهواي ، وهو اعتراف بالخطأ واعتذار فلما سمع منه موسى ذلك .