روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{قَالَ فَمَا خَطۡبُكَ يَٰسَٰمِرِيُّ} (95)

{ قَالَ } استئناف وقع جواباً عما نشأ من حكاية ما سلف من اعتذار القوم بإسناد الفساد إلى السامري واعتذار هارون عليه السلام كأنه قيل : فماذا صنع موسى عليه السلام بعد سماع ما حكى من الاعتذارين واستقرار أصل الفتنة على السامري ؟ فقيل قال موبخاً له إذا كان الأمر هذا { فَمَا خَطْبُكَ يا سامري } أي ما شأنك والأمر العظيم الصادر عنك ؛ وما سؤال عن السبب الباعث لذلك ، وتفسير الخطب بذلك هو المشهور ، وفي «الصحاح » الخطب سبب الأمر .

وقال بعض الثقات : هو في الأصل مصدر خطب الأمر إذا طلبه فإذا قيل لمن يفعل شيئاً : ما خطبك ؟ فمعناه ما طلبك له وشاع في الشأن والأمر العظيم لأنه يطلب ويرغب فيه ، واختير في الآية تفسيره بالأصل ليكون الكلام عليه أبلغ حيث لم يسأله عليه السلام عما صدر منه ولا عن سببه بل عن سبب طلبه ، وجعل الراغب الأصل لهذا الشائع الخطب بمعنى التخاطب أي المراجعة في الكلام ، وأطلق عليه لأن الأمر العظيم يكثر فيه التخاطب ، وجعل في الأساس الخطب بمعنى الطلب مجازاً فقال : ومن المجاز فلان يخطب عمل كذا يطلبه وما خطبك ما شأنك الذي تخطبه ، وفرق ابن عطية بين الخطب والشأن بأن الخطب يقتضي انتهاراً ويستعمل في المكاره دون الشأن ثم قال فكأنه قيل ما نحسك وما شؤمك وما هذا الخطب الذي جاء منك انتهى .

وليس ذلك بمطرد فقد قال إبراهيم عليه السلام للملائكة عليهم السلام : { فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا المرسلون } [ الحجر : 57 ] ولا يتأتى فيه ما ذكر .

وزعم بعض من جعل اشتقاقه من الخطاب أن المعنى ما حملك على أن خاطبت بني إسرائيل بما خاطبت .

وفعلت معهم ما فعلت وليس بشيء ، وخطابه عليه السلام إياه بذلك ليظهر للناس بطلان كيده باعترافه ويفعل به وبما أخرجه ما يكون نكالاً للمفتونين ولمن خلفهم من الأمم .

/خ85