المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِلَّا مَنۡ خَطِفَ ٱلۡخَطۡفَةَ فَأَتۡبَعَهُۥ شِهَابٞ ثَاقِبٞ} (10)

وقرأ جمهور القراء «خَطِف » بفتح الخاء وكسر الطاء وتخفيفها ، وقرأ الحسن وقتادة «خِطِّف » بكسر الخاء والطاء وتشديد الطاء ، قال أبو حاتم : يقال إنها لغة بكر بن وائل وتميم بن مر ، وروي عن ابن عباس «خِطِف » بكسر الخاء والطاء مخففة ، و «الثاقب » النافذ بضوئه وشعاعه المنير ، قاله قتادة والسدي وابن زيد ، وحسب ثاقب إذا كان سنياً منيراً .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِلَّا مَنۡ خَطِفَ ٱلۡخَطۡفَةَ فَأَتۡبَعَهُۥ شِهَابٞ ثَاقِبٞ} (10)

و{ من خطف الخطفة } مستثنى من ضمير { لا يسمعونَ } فهو في محل رفع على البدلية منه .

والخطف : ابتدار تناول شيء بسرعة ، و { الخطفة } المرة منه . فهو مفعول مطلق ل { خَطِفَ } لبيان عدد مرات المصدر ، أي خطفة واحدة ، وهو هنا مستعار للإِسراع بسمع ما يستطيعون سمعه من كلام غير تام كقوله تعالى : { يكاد البرق يخطف أبصارهم } في سورة [ البقرة : 20 ] .

وأتبعه بمعنى تبعه فهمزته لا تفيده تعدية ، وهي كهمزة أبان بمعنى بان .

والشهاب : القبس والجمر من النار . والمراد به هنا ما يُسمّى بالنيزك في اصطلاح علم الهيئة ، وتقدم في قوله : { فأتبعه شهاب مبين } في سورة [ الحجر : 18 ] .

( والثاقب : الخارق ، أي الذي يترك ثَقباً في الجسم الذي يصيبه ، أي ثاقب له . وعن ابن عباس : الشهاب لا يقتل الشيطان الذي يصيبه ولكنه يحترق ويَخْبِل ، أي يفسُد قِوامه فتزول خصائصه ، فإن لم يضمحل فإنه يصبح غير قادر على محاولة اسْتراق السمع مرة أخرى ، أي إلا من تمكّن من الدنوّ إلى محل يسمع فيه كلمات من كلمات الملأ الأعلى فيُردف بشهاب يثقبه فلا يرجع إلى حيث صدر ، وهذا من خصائص ما بعد البعثة المحمدية .

وقد تقدم الكلام على استراق السمع عند قوله تعالى : { وما تنزلت به الشياطين وما ينبغي لهم } في سورة [ الشعراء : 210 ، 211 ] .