قوله : { إِلاَّ مَنْ خَطِفَ } فيه وجهان :
أحدهما : أنه مرفوع المحل بدلاً من ضمير «لا يَسَّمَّعُونَ »{[46782]} وهو أحسن لأنه غير موجب .
والثاني : أنه منصوب على أصل الاستثناء ، والمعنى : أن الشياطين لا يسمعون الملائكة إلا من خطف{[46783]} ، قال شهاب الدين : ويجوز أن يكون «من » شرطية وجوابها : «فَأَتْبَعَهُ »{[46784]} أو موصولة{[46785]} وخبرها «فَأَتْبَعَهُ » . وهو استثناء منقطع وقد نصوا على أن مثل هذه الجملة تكون استثناء منقطعاً كقوله : { لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُسَيْطِرٍ إِلاَّ مَن تولى وَكَفَرَ }{[46786]} [ الغاشية : 22 ، 23 ] والخَطْفَةُ مصدر معرف بأل الجنسية أو العهدية{[46787]} ، وقرأ العامة خَطِفَ بفتح الخاء وكسر الطاء مخففة ، وقتادةُ والحسنُ بكسرهما وتشديد الطاء{[46788]} . وهي لغة تميم بن مُرة وبكرة بن وائل{[46789]} . وعنهما أيضاً وعن عيسى : بفتح الخاء وكسر الطاء{[46790]} مشددة وعن الحسن ( أيضاً ){[46791]} خطف كالعامة{[46792]} . وأصل القراءتين اختطف فلما أريد الإدغام سكنت التاء وقبلها الخاء ساكنة فكسرت الخاء لالتقاء الساكنين ثم كسرت الطاء إتباعاً لحركة الخاء وهذه [ الأولى ] واضحة . وأما الثانية{[46793]} فمشكلة جدا لأن كسر الطاء إنما كان لكسر الخاء وهو مفقود . وقد وجه على التَّوَهُّم وذلك أنهم لما أرادوا الإدغام نقوا حركة التاء إلى الخاء ففتحت وهم يتوهمون أنهم مكسورة لالتقاء الساكنين - كما تقدم تقريره- فأتبعوا الطاء لحركة{[46794]} الخاء المتوهمة ، وإذا كانوا قد فعلوا ذلك في مقتضيات الإعراب فلأن يَفْعَلُوه في غيره أولى . وبالجملة فهو تعليل شذوذ{[46795]} وقرا ابنُ عَبَّاسٍ خِطِفَ بكسر الخاء والطاء خفيفةً{[46796]} . وهو إتباع كقولهم : نِعِمْ بكسر النون والعين وقرئ فاتَّبعه بالتشديد{[46797]} .
ومعنى الخطف أي اختلس الكلمة من كلام الملائكة مسارقةً «فأتبعه » أي لحقه شهاب ثاقب كوكب مضيء قوي لا يخطئه يقتله{[46798]} أو يحرقه ، قيل : سمي ثاقباً لأنه يَثْقُبُ بنوره سَبْع{[46799]} سمواتٍ . وقال عطاء : سمي النجم الذي يرمى به الشياطين ثاقباً لأنه يَثْقُبُهُمْ وإنما يعودون إلى استراق السمع مع علمهم بأنهم لا يصلون إليه طمعاً في السلامة ونيل المراد كراكب البَحْر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.