فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِلَّا مَنۡ خَطِفَ ٱلۡخَطۡفَةَ فَأَتۡبَعَهُۥ شِهَابٞ ثَاقِبٞ} (10)

والاستثناء في قوله : { إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الخطفة } هو من قوله : { لاَ يَسْمَعُونَ } ، أو من قوله : { وَيَقْذِفُونَ } .

وقيل : الاستثناء راجع إلى غير الوحي لقوله : { إِنَّهُمْ عَنِ السمع لَمَعْزُولُونَ } [ الشعراء : 212 ] بل يخطف الواحد منهم خطفة مما يتفاوض فيه الملائكة ، ويدور بينهم مما سيكون في العالم قبل أن يعلمه أهل الأرض . والخطف : الاختلاس مسارقة ، وأخذ الشيء بسرعة . قرأ الجمهور { خطف } بفتح الخاء ، وكسر الطاء مخففة ، وقرأ قتادة ، والحسن بكسرهما ، وتشديد الطاء ، وهي لغة تميم بن مرّ ، وبكر بن وائل . وقرأ عيسى بن عمر بفتح الخاء ، وكسر الطاء مشددة . وقرأ ابن عباس بكسرهما مع تخفيف الطاء ، وقيل : إن الاستثناء منقطع { فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ } أي لحقه ، وتبعه شهاب ثاقب : نجم مضيء فيحرقه ، وربما لا يحرقه فيلقي إلى إخوانه ما خطفه ، وليست الشهب التي يرجم بها هي من الكواكب الثوابت بل من غير الثوابت ، وأصل الثقوب : الإضاءة . قال الكسائي : ثقبت النار تثقب ثقابة ، وثقوباً : إذا اتقدت ، وهذه الآية هي كقوله : { إِلاَّ مَنِ استرق السمع فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ } [ الحجر : 18 ] .

/خ19