المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَإِذَا نُقِرَ فِي ٱلنَّاقُورِ} (8)

و { الناقور } الذي ينفخ فيه وهو الصور ، قاله ابن عباس وعكرمة . وقال خفاف بن ندبة : [ الوافر ]

إذا ناقورهم يوماً تبدى*** أجاب الناس من غرب وشرق{[11416]}

وهو فاعول من النقر ، وقال أبو حبان{[11417]} :

أمنا زرارة بن أوفى{[11418]} فلما بلغ في الناقور خر ميتاً .

وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه : «كيف أنعم وصاحب القرن قد التقمه وحنى جبهته ينتظر متى يؤمر بالنفخ » ففزع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : كيف نقول يا رسول الله ؟ قال : «قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل على الله توكلنا »{[11419]} .


[11416]:الناقور هو الصور الذي ينفخ فيه، والنقر في كلام العرب: الصوت، يقول خفاف: إن هؤلاء القوم لهم مكانتهم بين الناس، فإذا تنادوا يوما لأمر أجابهم كل من في الشرق والغرب، والشاعر اسمه خفاف بن عمير بن الحارث بن الشريد السلمي، واسم أمه ندبة – بفتح النون وبضمها، وإليها ينسب، وهو أحد أغربة العرب، أي من سودانهم، وهم ثلاثة: عنترة، والسليك السعدي، وخفاف هذا.
[11417]:اختلفت الأصول في كتابة هذا الاسم فهو في بعضها (أبو جناب)، وفي بعضها (أبو خفاف)، وفي بعضها (أبو حبان)- وهذا يتفق مع ما في القرطبي- وجاء في الدر المنثور عن ابن سعد، والحاكم أن الذي قال ذلك هو (بهز بن حكيم) قال: فكنت فيمن حمله.
[11418]:هو زرارة –بضم أوله- ابن أوفى العامري، الحرشي، أبو حاجب البصري، قاضي البصرة، قال عنه الحافظ بن حجر العسقلاني: "ثقة، عابد، من الطبقة الثالثة، مات فجأة في الصلاة سنة ثلاث وتسعين".
[11419]:رواه ابن جرير، عن ابن عباس رضي الله عنهما، وزاد الإمام السيوطي في "الدر المنثور" نسبته إلى ابن أبي شيبة، والطبراني، وابن مردويه.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَإِذَا نُقِرَ فِي ٱلنَّاقُورِ} (8)

الفاء لتسبب هذا الوعيد عن الأمر بالإِنذار في قوله { فأنذر } [ المدثر : 2 ] ، أي فأنذر المنذَرين وأنذرهم وقتَ النقر في الناقور وما يقع يومئذٍ بالذين أُنذروا فأعرضوا عن التذكرة ، إذ الفاء يجب أن تكون مرتبطة بالكلام الذي قبلها .

ويجوز أن يكون معطوفاً على { فاصبر } [ المدثر : 7 ] بناء على أنه أمر بالصبر على أذى المشركين .

و { الناقور } : البوق الذي ينادى به الجيش ويسمى الصُّور وهو قرن كبير ، أو شبهُه ينفخ فيه النافخ لنداء ناس يجتمعون إليه من جيش ونحوه ، قال خُفاف بن نَدْبَةَ :

إذا نَاقورُهم يوماً تَبَدَّى *** أجاب الناسُ من غرب وشَرق

ووزنه فاعول وهو زنة لما يقع به الفعل من النقْر وهو صوت اللسان مثل الصفير فقوله نُقر ، أي صُوِّت ، أي صوَّت مُصَوِّتٌ . وتقدم ذكر الصور في سورة الحاقة .

و ( إذا ) اسم زمان أضيف إلى جملة { نقر في الناقور } وهو ظرف وعامله ما دل عليه قوله : { فَذلك يومئذٍ يوم عسير } لأنه في قوة فِعْل ، أي عَسُر الأمرُ على الكافرين .