نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{فَإِذَا نُقِرَ فِي ٱلنَّاقُورِ} (8)

ولما كان المقام للإنذار ، وكان من رد الأوامر تكذيباً كفر ، ومن تهاون بها {[69720]}ما أطاع{[69721]} ولا شكر ، حذر من الفتور عنها بذكر ما للمكذب بها ، فقال مسبباً عن ذلك باعثاً على اكتساب الخيرات من غير كسل ولا توقف ، مذكراً بأن الملك {[69722]}التقم القرن وأصغى بجبهته انتظاراً{[69723]} للأمر بالنفخ ، مشيراً بالبناء للمفعول إلى هوانه لديه وخفته عليه مؤذناً بأداة التحقق أنه لا بد من وقوعه : { فإذا نقر } أي نفخ وصوّت بشدة وصلابة ونفوذ وإنكاء { في الناقور * } أي الصور وهو القرن الذي إسرافيل عليه {[69724]}السلام ملتقمه الآن وهو مصغ لانتظار الأمر بالنفخ فيه للقيامة ، ويجوز أن يراد الأيام{[69725]} التي يقضي فيها بالذل على الكافرين كيوم بدر والفتح وغيرهما كما جعلت الساعة والقيامة كناية عن الموت ، فقال صلى الله عليه وسلم :

" من مات فقد قامت قيامته " عبر عنه بالنقر إشارة إلى أنه في شدته{[69726]} كالنقر في الصلب فيكون عنه صوت هائل ، وأصل النقر القرع الذي هو سبب الصوت فهو أشد من صدعك لهم بالإنذار للحذار من دار البوار ، فهنالك ترد الأرواح إلى أجسادها ، فيبعث الناس فيقومون من قبورهم كنفس واحدة ، وترى عاقبة الصبر ، ويرى أعداؤك عاقبة الكبر ، والتعبير فيه بصيغة المبالغة وجعله فاعلاً كالجاسوس إشارة إلى زيادة العظمة حتى كأنه هو الفاعل على هيئة هي في غاية الشدة والقوة ، وحذر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه رضي الله عنهم من النفخ في الصور وقربه فقالوا : " كيف نقول يا رسول الله ؟ قال : قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل " ويجوز أن يكون التسبب عن الأمر بالصبر ، أي اصبر فلنأخذن بثأرك في ذلك اليوم بما يقر عينك ، فيكون تسلية له صلى الله عليه وسلم وتهديداً لهم .


[69720]:من ظ و م، وفي الأصل: لا اطلاع.
[69721]:من ظ و م، وفي الأصل: لا اطلاع.
[69722]:من ظ، وفي الأصل: الملتقم القران واضع جبهته، وليست العبارة واضحة في م.
[69723]:من ظ، وفي الأصل: الملتقم القران واضع جبهته، وليست العبارة واضحة في م.
[69724]:جاءت صفحة من الأصل مطموسة فانتسخناها من ظ.
[69725]:من م، وفي ظ: للأيام.
[69726]:في م: شدة.