المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{فَأَتۡبَعَ سَبَبًا} (85)

وقوله { فأتبع سبباً } الآية ، قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو «فاتّبع » بشد التاء ، وقرأ عاصم وابن عامر وحمزة والكسائي «فأتبع » بسكون التاء على وزن أفعل ، قال بعض اللغويين هما بمعنى واحد ، وكذلك تبع ، وقالت فرقة «أتبع » بقطع الألف : هي عبارة عن المجد المسرع الحثيث الطلب ، و «اتبع » إنما يتضمن معنى الاقتفاء دون هذه القرائن ، قاله أبو زيد وغيره .

قال القاضي أبو محمد : واستقرأ هذا القائل هذه المقالة من القرآن كقوله عز وجل { فأتبعه شهاب ثاقب }{[1]} [ الصافات : 10 ] ، وكقوله { فأتبعهم فرعون }{[2]} [ يونس : 90 ] [ طه : 78 ] ، وكقوله : { فأتبعه الشيطان }{[3]} [ الأعراف : 175 ] ، وهذا قول حكاه النقاش عن يونس بن حبيب ، وإذا تأملت «اتّبع » بشد التاء لم تربط لك هذا المعنى ولا بد . و «السبب » في هذه الآية ، الطريق المسلوكة ، لأنها سبب الوصول إلى المقصد .


[1]:- أي فيمن نزلت، أفي المؤمنين جميعا أم في مؤمني أهل الكتاب؟
[2]:- ولم يكن الله ليمتن على رسوله بإيتائه فاتحة الكتاب وهو بمكة، ثم ينزلها بالمدينة، ولا يسعنا القول بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام بمكة بضع عشرة سنة يصلي بلا فاتحة الكتاب، هذا ما لا تقبله العقول، قاله الواحدي. وقوله تعالى: (ولقد آتيناك...) هو من الآية رقم (87) من سورة الحجر.
[3]:- أخرجه الإمام مالك في الموطأ المشهور بلفظ: (السبع المثاني القرآن العظيم الذي أعطيته) والترمذي وغيرهما، وخرج ذلك أيضا الإمام البخاري وغيره، عن أبي سعيد ابن المعلى في أول كتاب التفسير، وفي أول كتاب الفضائل بلفظ: (السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته). والسبع الطوال هي: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، والأنفال، فقوله: والسبع الطوال إلخ. رد على من يقول: إنما السبع المثاني.