فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَأَتۡبَعَ سَبَبًا} (85)

{ فَأَتْبَعَ سَبَباً } من تلك الأسباب . قال المفسرون : والمعنى طريقاً تؤديه إلى مغرب الشمس . قال الزجاج : فأتبع سبباً من الأسباب التي أوتي ، وذلك أنه أوتي من كل شيء سبباً فأتبع من تلك الأسباب التي أوتي سبباً في المسير إلى المغرب ، وقيل : أتبع من كل شيء علماً يتسبب به إلى ما يريد ؛ وقيل : بلاغاً إلى حيث أراد ؛ وقيل : من كل شيء يحتاج إليه الخلق ؛ وقيل : من كل شيء تستعين به الملوك من فتح المدائن وقهر الأعداء . وأصل السبب : الحبل ، فاستعين لكل ما يتوصل به إلى شيء . قرأ ابن عامر ، وأهل الكوفة ، وعاصم ، وحمزة ، والكسائي ( فأتبع ) بقطع الهمزة ، وقرأ أهل المدينة وأهل مكة وأبو عمرو بوصلها . قال الأخفش : تبعته وأتبعته بمعنى . مثل ردفته وأردفته ، ومنه قوله : { فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ } [ الصافات : 10 ] . قال النحاس : واختار أبو عبيدة قراءة أهل الكوفة ، قال : لأنها من السير . وحكى هو والأصمعي أنه يقال : تبعته وأتبعته إذا سار ولم يلحقه ، وأتبعه إذا لحقه . قال أبو عبيدة : ومثله { فَأَتْبَعُوهُم مُشْرِقِينَ } . قال النحاس : وهذا من الفرق وإن كان الأصمعي قد حكاه فلا يقبل إلا بعلم أو دليل ، وقوله عزّ وجلّ : { فَأَتْبَعُوهُم مُشْرِقِينَ } [ الشعراء : 60 ] ليس في الحديث أنهم لحقوهم ، وإنما الحديث لما خرج موسى وأصحابه من البحر وحصل فرعون وأصحابه في البحر انطبق عليهم البحر . والحق في هذا أن تبع واتبع وأتبع لغات بمعنى واحد ، وهو بمعنى : السير .

/خ91