اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَأَتۡبَعَ سَبَبًا} (85)

قوله : { فَأَتْبَعَ سَبَباً } .

قرأ نافع ، وابن كثيرٍ ، وأبو عمرو " فَاتَّبعَ " و " ثمَّ اتَّبعَ " في الموضعين بهمزة وصل ، وتشديد التاء . والباقون بهمزة القطع في المواضع الثلاثة وسكون التاء .

فقيل : هما بمعنى واحدٍ فيتعدَّيان لمفعولٍ واحدٍ .

وقيل : " أتْبَعَ " بالقطع متعدٍّ لاثنين حذف أحدهما تقديره : فأتْبع سبباً سبباً آخر ، أو فأتبع أمره سبباً آخر ، ومنه { وَأَتْبَعْنَاهُم فِي هَذِهِ الدنيا لَعْنَةً } [ القصص : 42 ] فعدَّاه لاثنين ومن حذف أحد المفعولين : قوله تعالى : { فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ } [ الشعراء : 60 ] ، أي : أتبعوهم جنودهم . و اختار أبو عبيد " اتَّبعَ " بالوصل ، قال : " لأنَّه من المسيرِ " قال : تقول : تبعتُ القوم واتَّبعتُهم . فأمَّا الإتباعُ بالقطع فمعناه اللحاقُ ، كقوله تعالى : { فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ } [ الصافات : 10 ] .

وقال يونس ، وأبو زيدٍ : " أتْبعَ " بالقطع عبارة عن المجدِّ المسرعِ الحثيثِ الطلب . وبالوصلِ إنَّما يتضمَّن الاقتفاء دون هذه الصفات .

قال البغويُّ : والصحيح الفرق بينهما ، فمن قطع الألف ، فمعناه : أدرك ولحق ، ومن قرأ بالتشديد فمعناه : سار ، يقال : ما زلتُ أتَّبعه حتى اتبعته ، أي : ما زلتُ أسير خلفهُ حتى لحقته ، ومعنى الآية : أنه تعالى لمَّا أعطاهُ من كل شيءٍ سببه ، فإذا أراد سبباً أتبع سبباً يوصله إليه { حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة } .