المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{وَأَنۡ أَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَٱتَّقُوهُۚ وَهُوَ ٱلَّذِيٓ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ} (72)

{ وأن أقيموا } يتجه أن يكون بتأويل وإقامة فهو عطف على المفعول المقدر في { أمرنا } [ الأنعام : 71 ] ، وقيل بل هو معطوف على قوله { لنسلم } [ الأنعام : 71 ] تقديره لأن نسلم { وأن أقيموا } .

قال القاضي أبو محمد : وهذا قول الزجاج واللفظ يمانعه وذلك أن قوله «لأن نسلم » معرب ، وقوله { أن أقيموا } مبني وعطف المبني على المعرب لا يجوز لأن العطف يقتضي التشريك في العامل اللهم إلا أن تجعل العطف في «أن » وحدها وذلك قلق وإنما يتخرج على أن يقدر قوله { وأن أقيموا } بمعنى لنقيم ثم خرجت بلفظ الأمر لما في ذلك من جزالة اللفظ فجاز العطف على أن يلغى حكم اللفظ ويعول على المعنى ، ويشبه هذا من جهة «ما » ما حكاه يونس عن العرب : أدخلوا الأول فالأول بالنصب{[4974]} ، وقال الزجّاج أيضاً : يحتمل أن يكون { وأن أقيموا } معطوفاً على { ائتنا } [ الأنعام : 71 ] .

قال القاضي أبو محمد : وفيه بعد ، والضمير في قوله { واتقوه } عائد على رب العالمين { وهو } ابتداء وما بعده وهو لفظ خبر يتضمن التنبيه والتخويف .


[4974]:- علّق أبو حيان على كلام ابن عطية هذا بقوله: "وهذا الذي استدركه ابن عطية بقوله: "اللهم إلا أن إلى آخره هو الذي أراد الزجاج بعينه، وهو أن [أن أقيموا] معطوف على [أن نسلم]، وأن كلاهما علة للمأمور به المحذوف". ثم قال: "وأما تشبيه ابن عطية بقوله: ادخلوا الأول فالأول بالرفع فليس يشبهه، لأن (ادخلوا) لا يمكن- لو أزيل عنه الضمير- أن يتسلط على ما بعده، بخلاف (أن) فإنها توصل بالأمر، فإذا لا شبه بينهما" (البحر المحيط 4/ 160).