نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَأَنۡ أَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَٱتَّقُوهُۚ وَهُوَ ٱلَّذِيٓ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ} (72)

ثم فسر المأمور به ، فكأنه قال : أن أسلموا { وأن أقيموا الصلاة } لوجهه { واتقوه } مع ذلك ، أي افعلوها لا على وجه الهزء واللعب ، بل على وجه التقوى والمراقبة ليدل{[30019]} ما ظهر منها على ما بطن من الإسلام للمحسن .

ولما كان التقدير : فهو الذي ابتدأ خلقكم من طين فإذا أنتم بشر مصورون{[30020]} ، وجعلكم أحياء فبقدرته على مدى الأيام تنتشرون{[30021]} ، عطف عليه قوله : { وهو الذي إليه } أي لا إلى غيره بعد بعثكم من الموت { تحشرون * } فأتى بالبعث الذي هم له منكرون لكثرة ما أقام من الأدلة على تمام القدرة في سياق دال على أنه مما لا مجال للخلاف فيه{[30022]} ، وأن النظر إنما هو فيما وراء ذلك ، وهو أن عملهم للباطل سوَّغ تنزيلهم منزلة من{[30023]} يعتقد أنه يحشر إلى غيره سبحانه ممن لا قدرة له على جزائهم ، فأخبرهم أن الحشر إليه لا إلى غيره ، لأنه{[30024]} لا كلام هناك لسواه ، فلا علق بين المحشورين ولا تناصر كما في الدنيا ، والجملة مع ذلك كالتعليل للأمر بالتقوى ، وقد بان أن الآية من الاحتباك ، فإنه حذف الصلاة أولاً لدلالة ذكرها ثانياً ، والإسلام ثانياً لدلالة ذكره أولاً .


[30019]:زيد بعده في ظ: على.
[30020]:في ظ: تنشرون.
[30021]:من ظ، وفي الأصل: تنشرون.
[30022]:زيد من ظ.
[30023]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[30024]:سقط ما بين الرقمين من ظ.