مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَأَنۡ أَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَٱتَّقُوهُۚ وَهُوَ ٱلَّذِيٓ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ} (72)

71

فإن قيل : كيف حسن عطف قوله : { وأن أقيموا الصلاة } على قوله : { وأمرنا لنسلم لرب العالمين } ؟

قلنا : ذكر الزجاج فيه وجهين : الأول : أن يكون التقدير ، وأمرنا فقيل لنا أسلموا لرب العالمين وأقيموا الصلاة .

فإن قيل : هب أن المراد ما ذكرتم ، لكن ما الحكمة في العدول عن هذا اللفظ الظاهر والتركيب الموافق للعقل إلى ذلك اللفظ الذي لا يهتدي العقل إلى معناه إلا بالتأويل ؟

قلنا : وذلك لأن الكافر ما دام يبقى على كفره ، كان كالغائب الأجنبي فلا جرم يخاطب بخطاب الغائبين ، فيقال له : { وأمرنا لنسلم لرب العالمين } وإذا أسلم وآمن ودخل في الإيمان صار كالقريب الحاضر ، فلا جرم يخاطب الحاضرين ، ويقال له : { وأن أقيموا الصلاة واتقوه وهو الذي إليه تحشرون } فالمقصود من ذكر هذين النوعين من الخطاب التنبيه على الفرق بين حالتي الكفر والإيمان ، وتقريره أن الكافر بعيد غائب والمؤمن قريب حاضر . والله أعلم .