معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَأَنَّهُۥ هُوَ أَمَاتَ وَأَحۡيَا} (44)

قوله تعالى : { وأنه هو أمات وأحيا } أي : أمات في الدنيا وأحيا بالبعث . وقيل : أمات الآباء وأحيا الأبناء . وقيل : أمات الكافر بالنكرة وأحيا المؤمن بالمعرفة .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَأَنَّهُۥ هُوَ أَمَاتَ وَأَحۡيَا} (44)

{ وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا } ، كقوله : { الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاة } [ الملك : 2 ] ، { وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأنْثَى . مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى } ، كقوله : { أَيَحْسَبُ الإنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى . أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى . ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى . فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأنْثَى . أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى } [ القيامة : 36 - 40 ] . {[27716]} .


[27716]:- (1) في م: "تمنى".
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَأَنَّهُۥ هُوَ أَمَاتَ وَأَحۡيَا} (44)

انتقل من الاعتبار بانفراد الله بالقدرة على إيجاد أسباب المسرة والحزن وهما حالتان لا تخلو عن إحداهما نفس الإِنسان إلى العبرة بانفراده تعالى بالقدرة على الإِحياء والإِماتة ، وهما حالتان لا يخلو الإِنسان عن إحداهما فإن الإِنسان أول وجوده نطفة ميتة ثم علقة ثم مضغة { قطعة ميتة وإن كانت فيها مادة الحياة إلا أنها لم تبرز مظاهر الحياة فيها } ثم ينفخ فيه الروح فيصير إلى حياة وذلك بتدبير الله تعالى وقدرته .

ولعل المقصود هو العبرة بالإِماتة لأنها أوضح عبرة وللرد عليهم قولهم : { وما يهلكنا إلا الدهر } [ الجاثية : 24 ] ، وأن عطف { وأحيا تتميم واحتراس كما في قوله : { الذي خلق الموت والحياة } [ الملك : 2 ] . ولذلك قدم { أمات على أحيا } مع الرعاية على الفاصلة كما تقدم في { أضحك وأبكى } [ النجم : 43 ] .

وموقع الجملة كموقع جملة { وأن سعيه سوف يرى } [ النجم : 40 ] . فإن كان مضمونها مما شملته صحف إبراهيم كان المحكي بها من كلام إبراهيم ما حكاه الله عنه بقوله : { والذي يميتني ثم يحيين } [ الشعراء : 81 ] .

وفعلا { أمات وأحيا } منزلان منزلة اللازم كما تقدم في قوله : { وأنه هو أضحك وأبكى } [ النجم : 43 ] إظهاراً لبديع القدرة على هذا الصنع الحكيم مع التعريض بالاستدلال على كيفية البعث وإمكانه حيث أحاله المشركون ، وشاهدُه في خلق أنفسهم .

وضمير الفصل للقصر على نحو قوله : { وأنه هو أضحك وأبكى } [ النجم : 43 ] رداً على أهل الجاهلية الذين يسندون الإِحياء والإِماتة إلى الدهر فقالوا { وما يهلكنا إلا الدهر } [ الجاثية : 24 ] . فليس المراد الحياة الآخرة لأن المتحدث عنهم لا يؤمنون بها ، ولأنها مستقبلة والمتحدث عنه ماض .

وفي هذه الآية محسن الطباق أيضاً لما بين الحياة والموت من التضاد .