وقوله : { وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً } هذه صيغة تكثير ، كما قال { وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ } [ الإسراء : 17 ] .
وقال تعالى : { فَكَأَيِّنْ{[19599]} مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ } [ الحج : 45 ] . وقوله : { وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ } أي : أمة أخرى بعدهم .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْماً آخَرِينَ * فَلَمّآ أَحَسّواْ بَأْسَنَآ إِذَا هُمْ مّنْهَا يَرْكُضُونَ } .
يقول تعالى ذكره : وكثيرا قصمنا من قرية . والقصم : أصله الكسر ، يقال منه : قصمت ظهر فلان إذا كسرته ، وانْقَصَمَتْ سِنّه : إذا انكسرت . وهو ههنا معنيّ به «أهلكنا » ، وكذلك تأوّله أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : وكَمْ قَصَمْنا قال : أهلكنا .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، قوله : وكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ قال : أهلكناها .
قال ابن جُرَيج : قصمنا من قرية ، قال : باليمن ، قصمنا ، بالسيف أُهلكوا .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قول الله : قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ قال : قصمها أهلكها .
وقوله : مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً أجرى الكلام على القرية ، والمراد بها أهلها لمعرفة السامعين بمعناه . وكأن ظُلْمَها كُفْرُها بالله وتكذيبُها رسله . وقوله : وأنْشأْنا بَعْدَهَا قَوْما آخَرِينَ يقول تعالى ذكره : وأحدثنا بعد ما أهلكنا هؤلاء الظلمة من أهل هذه القرية التي قصمناها بظلمها قوما آخرين سواهم .
و { كم } للتكثير وهي في موضع نصب ب { قصمنا } ومعناه أهلكنا ، وأصل القصم الكسر في الأجرام فإذا استعير للقوم أو القرية ونحوه فهو ما يشبه الكسر وهو إهلاكهم وأوقع هذه الأمور على «القرية » والمراد أهلها وهذا مهيع كثير ، ومنه { ما آمنت قبلهم من قرية }{[8201]} [ الأنبياء : 6 ] وغيره وقوله تعالى : { وأنشأنا } أي خلقنا وبثثنا أُمة أُخرى غير المهلكة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.