قوله تعالى :{ وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين ، فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون ، لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسألون ، قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين ، فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين }
اعلم أنه تعالى لما حكى عنهم تلك الاعتراضات وكانت تلك الاعتراضات ظاهرة السقوط لأن شرائط الإعجاز لما تمت في القرآن ظهر حينئذ لكل عاقل كونه معجزا ، وعند ذلك ظهر أن اشتغالهم بإيراد تلك الاعتراضات كان لأجل حب الدنيا وحب الرياسة فيها فبالغ سبحانه في زجرهم عن ذلك فقال : { وكم قصمنا من قرية } قال صاحب «الكشاف » القصم أفظع الكسر وهو الكسر الذي يبين تلاؤم الأجزاء بخلاف الفصم وذكر القرية وأنها ظالمة وأراد أهلها توسعا لدلالة العقل على أنها لا تكون ظالمة ولا مكلفة ولدلالة قوله تعالى : { وأنشأنا بعدها قوما آخرين } فالمعنى أهلكنا قوما وأنشأنا قوما آخرين وقال : { فلما أحسوا بأسنا } إلى قوله { قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين } وكل ذلك لا يليق إلا بأهلها الذين كلفوا بتصديق الرسل فكذبوهم ولولا هذه الدلائل لما جاز منه سبحانه ذكر المجاز لأنه يكون ذلك موهما للكذب ، واختلفوا في هذا الإهلاك فقال ابن عباس : المراد منه القتل بالسيوف والمراد بالقرية حضور وهي وسحول قريتان باليمن ينسب إليهما الثياب . وفي الحديث : " كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثوبين سحوليين " وروى : " حضوريين بعث الله إليهم نبيا فقتلوه فسلط الله عليهم بختنصر كما سلطه على أهل بيت المقدس فاستأصلهم " وروى : " أنه لما أخذتهم السيوف نادى مناد من السماء يا لثارات الأنبياء " فندموا واعترفوا بالخطأ ، وقال الحسن : المراد عذاب الاستئصال ، واعلم أن هذا أقرب لأن إضافة ذلك إلى الله تعالى أقرب من إضافته إلى القاتل ، ثم بتقدير أن يحمل ذلك على عذاب القتل فما الدليل على قول ابن عباس ولعل ابن عباس ذكر حضور بأنها إحدى القرى التي أرادها الله تعالى بهذه الآية ،
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.