فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَكَمۡ قَصَمۡنَا مِن قَرۡيَةٖ كَانَتۡ ظَالِمَةٗ وَأَنشَأۡنَا بَعۡدَهَا قَوۡمًا ءَاخَرِينَ} (11)

{ وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين ( 11 ) فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون ( 12 ) لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسألون ( 13 ) قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين ( 14 ) فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين ( 15 ) وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين ( 16 ) لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين ( 17 ) بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون ( 18 ) } .

{ وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة } { كم } هي الخبرية المفيدة للتكثير والقصم كسر الشيء ودقه ، يقال قصمت ظهر فلان إذا كسرته ، واقتصمت سنه إذا انكسرت ، والمعنى هنا الإهلاك والعذاب .

وأما الفصم بالفاء فهو الصدع في الشيء من غير بينونة ، أي وكم قصمنا من أهل قرية كانوا ظالمين ، أي كافرين بالله مكذبين بآياته ، والظلم في الأصل وضع الشيء في غير موضعه ، وهم وضعوا الكفر في موضع الإيمان .

قال ابن عباس : بعث الله نبيا من حمير يقال له شعيب ، فوثب إليه عبد فضربه بعصا ، فسار إليهم بختنصر فقاتلهم فقتلهم حتى لم يبق منهم شيء ، وفيهم أنزل الله : { وكم قصمنا-إلى قوله-خامدين } .

وعن الكلبي في الآية قال : هي " حضور " بني أزد باليمن ، فيكون التكثير باعتبار أفراد تلك القرية .

{ وأنشأنا من بعدها } أي أوجدنا وأحدثنا بعد إهلاك أهلها { قوما آخرين } ليسوا منهم