الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَكَمۡ قَصَمۡنَا مِن قَرۡيَةٖ كَانَتۡ ظَالِمَةٗ وَأَنشَأۡنَا بَعۡدَهَا قَوۡمًا ءَاخَرِينَ} (11)

قوله تعالى : { وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة }[ 11 ] إلى قوله : { عما يفعل وهم يسألون }[ 23 ] .

المعنى : وكثيرا أهلكنا من أهل القرى كانوا ظالمين بكفرهم ف( كم ) في موضع نصب بقصمنا ، وهي خبر ، وفيها معنى التكثير{[45784]} . وانقصم{[45785]} أصله الكسر{[45786]} . يقال انقصم سنة ، وقصمت ظهر فلان ، أي : كسرته .

وروى ابن وهب عن بعض رجاله ، أنه كان باليمن قريتان ، فبطر أهلها وأترفوا حتى ما كانوا يغلقون أبوابهم ، فبعث الله تعالى إليهم نبيا فدعاهم ، فقتلوه ، فألقى الله في نفس بخت نصر غزوهم{[45787]} ، فبعث إليهم جيشا ، فهزموه ، ثم بعث آخر فهزموه . فخرج إليهم بنفسه ، فهزمهم ، فخرجوا يركضون فسمع مناد يقول : { لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم } فرجعوا{[45788]} ، فسمعوا صوتا يقول : يا لثارات النبي فقتلوا كلهم . فهي التي عنى الله في هذه السورة حصدوا{[45789]} بالسيف{[45790]} .

قال مجاهد : ( قصمنا ) : أهلكنا{[45791]} . وجرى الخبر عن القرية والمراد أهلها{[45792]} ، لأن المعنى مفهوم .

ثم قال : { وأنشأنا بعدها قوما آخرين } أي : أحدثنا بعد إهلاك{[45793]} هؤلاء الظالمين قوما آخرين سواهم .


[45784]:انظر: مجمع البيان 4/12 وتفسير القرطبي 11/274.
[45785]:ع: والقصم، والتصحيح من ز.
[45786]:انظر: مجمع البيان 4/12 وتفسير القرطبي 11/274.
[45787]:ز: عدوه (تحريف).
[45788]:(فرجعوا) سقطت من ز.
[45789]:ز: حضروا.
[45790]:انظر الدر المنثور 4/315 وفتح القدير 3/403-404.
[45791]:انظر جامع البيان 17/7 والدر المنثور 4/314.
[45792]:ز: أهلكها (تحريف).
[45793]:ز: هلاك.