معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَمَالِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ قِبَلَكَ مُهۡطِعِينَ} (36)

قوله عز وجل :{ فمال الذين كفروا } أي : فما بال الذين كفروا ، كقوله : { فما لهم عن التذكرة معرضين }( المدثر - 49 ) ، { قبلك مهطعين } مسرعين مقبلين إليك مادي أعناقهم ومديمي النظر إليك متطلعين نحوك . نزلت في جماعة من الكفار ، كانوا يجتمعون حول النبي صلى الله عليه وسلم يستمعون كلامه ويستهزئون به ويكذبونه ، فقال الله تعالى : ما لهم ينظرون إليك ويجلسون عندك وهم لا ينتفعون بما يستمعون .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَمَالِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ قِبَلَكَ مُهۡطِعِينَ} (36)

يقول تعالى منكرًا على الكفار الذين كانوا في زمن{[29333]} النبي صلى الله عليه وسلم وهم مشاهدون له ، ولما أرسله الله به من الهدى وما أيده الله به من المعجزات الباهرات ، ثم هم مع هذا كله فارون منه ، متفرقون عنه ، شاردون يمينًا وشمالا فِرَقًا فِرَقًا ، وشِيعًا شِيعًا ، كما قال تعالى : { فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ } [ المدثر : 49 ، 51 ] الآية وهذه مثلها ؛ فإنه قال تعالى : { فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ } أي : فما لهؤلاء الكفار الذين عندك يا محمد { مُهْطِعِينَ } أي مسرعين نافرين منك ، كما قال الحسن البصري : { مُهْطِعِينَ } أي : منطلقين ، { عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ } واحدها عزَةٌ ، أي : متفرقين . وهو حال من مهطعين ، أي : في حال تفرقهم واختلافهم ، كما قال الإمام أحمد في أهل الأهواء : فهم مخالفون للكتاب ، مختلفون في الكتاب ، متفقون على مخالفة الكتاب .

وقال العوفي ، عن ابن عباس : { فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ } قال : قبلك ينظرون .


[29333]:- (1) في أ : "في زمان".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَمَالِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ قِبَلَكَ مُهۡطِعِينَ} (36)

القول في تأويل قوله تعالى : { فَمَالِ الّذِينَ كَفَرُواْ قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ * عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشّمَالِ عِزِينَ * أَيَطْمَعُ كُلّ امْرِىءٍ مّنْهُمْ أَن يُدْخَلَ جَنّةَ نَعِيمٍ * كَلاّ إِنّا خَلَقْنَاهُم مّمّا يَعْلَمُونَ } .

يقول تعالى ذكره : فما شأن الذين كفروا بالله قبلك يا محمد مهطعين وقد بيّنا معنى الإهطاع ، وما قال أهل التأويل فيه فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع ، غير أنا نذكر في هذا الموضع بعض ما لم يذكره هنالك . فقال قتادة فيه ما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله فَمَا لِلّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ يقول : عامدين .

وقال ابن زيد فيه ما :

حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، قوله : فَما لِلّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ قال : المهطع : الذي لا يطرف .

وكان بعض أهل المعرفة بكلام العرب من أهل البصرة يقول : معناه : مسرعين . ورُوي فيه عن الحسن ما :

حدثنا به ابن بشار ، قال : حدثنا أبو عامر ، قال : حدثنا قُرة ، عن الحسن ، في قوله : فمَا لِلّذِين كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِين قال : منطلقين .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا حماد بن مسعدة ، قال : حدثنا قرة ، عن الحسن ، مثله .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَمَالِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ قِبَلَكَ مُهۡطِعِينَ} (36)

وقوله تعالى : { فمال الذين كفروا قبلك مهطعين } الآية نزلت بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي عند الكعبة أحياناً ويقرأ القرآن ، فكان كثير من الكفار يقومون من مجالسهم مسرعين إليه يتسمعون قراءته ويقول بعضهم لبعض : شاعر وكاهن ومفتر وغير ذلك .

و { قبلك } معناه فيما يليك ، و : «المهطع » الذي يمشي مسرعاً إلى شيء قد أقبل عليه ببصره . وقال ابن زيد : لا يطرف .