تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَمَالِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ قِبَلَكَ مُهۡطِعِينَ} (36)

الآيتان 36 و37 وقوله تعالى : { فمال الذين كفروا قبلك مهطعين } { عن اليمين وعن الشمال عزين } اختلف في تأويل الإهطاع . فمنهم من يقول : هو الإسراع في المشي ، ومنهم من يقول : هو إدامة النظر .

فمن حمله على الإسراع فمعناه أن أئمة الكفر كانوا يأتون رسول الله صلى الله عليه وسلم فيستمعون القرآن منه ، ثم يسرعون إلى أتباعهم ، ويجلسون حلقا حلقا ، ويحرفون ما يستمعون من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن كان الأمر على هذا فتأويله : ما لهم يسرعون إليك ليسمعوا كلامك ، ثم يتفرقون عن اليمين وعن الشمال ، ويكذبونك نحو أن يقول بعضهم : { إن هذا إلا سحر مبين } [ المائدة 110 و . . ] [ ويقولوا ] {[22095]} { إن هذا إلا أساطير الأولين } [ الأنعام : 25و . . ] { ويقولوا ] {[22096]} : { إن هو إلا رجل افترى على الله كذبا } [ المؤمنون : 38 ] ونحو ذلك .

وأما المنفعة لهم في طعنهم عليك [ فهو استحقاقهم ] المقت والهلاك بذلك من الله تعالى . وما يرجون بإعراضهم عن تصديقك بعد ما رأوا الآيات ؟

ومن حمله على النظر فمعناه أنهم كانوا يجلسون من بعيد ، فينظرون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، ويطعنون عليه بالسحر والافتراء [ وأنه ] {[22097]}من أساطير الأولين ، ويمكرون بمن {[22098]} يقتدي برسول الله [ وبمن لا ] {[22099]} يعاديه من الكفرة .

فإن كان على هذا فتأويله كأنه يقول لهم : [ مالهم ] {[22100]}يجلسون من البعد ناظرين إليك ، ولا يدنون منك ليسمعوا ما أنزل إليك ، فينتفعوا به ؟ وإنهم {[22101]} متفرقون عن اليمين وعن الشمال ، يصدون الناس عن مجلسك ، وقد علموا أن لهم إلى من يعلمهم الكتاب والحكمة حاجة ، إذ ليس عندهم كتاب ولا علم بالأنباء المتقدمة ليعلموا أنك جئت بالعلم والحكمة دون السحر والكهانة .

فإن كان هذا الوجه فالعتاب {[22102]} لمكان التحريف والتبديل ، والله اعلم .


[22095]:في الأصل وم: و.
[22096]:ساقطة من الأصل وم
[22097]:من نسخة الحرم المكي، ساقطة من الأصل.
[22098]:من نسخة الحرم المكي، في الأصل وم: من.
[22099]:في الأصل وم: ومن.
[22100]:ساقطة من،م.
[22101]:في الأصل وم: لكنهم.
[22102]:في الأصل وم: والعتاب