معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَقَالَ نُوحٞ رَّبِّ لَا تَذَرۡ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ دَيَّارًا} (26)

{ وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً } أحداً يدور في الأرض فيذهب ويجيء ، من الدوران ، وقال القتيبي : إن أصله من الدار ، أي : نازل دار .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَقَالَ نُوحٞ رَّبِّ لَا تَذَرۡ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ دَيَّارًا} (26)

{ وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا } أي : لا تترك على [ وجه ]{[29359]} الأرض منهم أحدًا ولا تُومُريًّا{[29360]} وهذه من صيغ تأكيد النفي .

قال الضحاك : { دَيَّارًا } واحدا . وقال السُّدِّي : الديار : الذي يسكن الدار .

فاستجاب الله له ، فأهلك جميع من على وجه الأرض من الكافرين حتى ولد نوح لصلبه الذي اعتزل عن أبيه ، وقال : { سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ } [ هود : 43 ] .

وقال ابن أبي حاتم : قرئ{[29361]} على يونس بن عبد الأعلى ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني شَبيب بن سعد ، عن أبي الجوزاء ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو رحم الله من قوم نوح أحدا ، لرحم امرأة ، لما رأت الماء حملت ولدها ثم صعدت الجبل ، فلما بلغها الماء صعدت{[29362]} به منكبها ، فلما بلغ الماء منكبها وضعت ولدها على رأسها ، فلما بلغ الماء رأسها رفعت ولدها بيدها . فلو رحم الله منهم أحدا لرحم هذه المرأة " . {[29363]}

هذا حديث غريب ، ورجاله ثقات . ونجى الله أصحاب السفينة الذين آمنوا مع نوح ، عليه السلام ، وهم الذين أمره الله بحملهم معه .


[29359]:- (3) زيادة من م، أ.
[29360]:- (4) في م: "ولادومريا".
[29361]:- (1) في هـ: "لما قرئ" والمثبت من م، أ.
[29362]:- (2) في م: "فلما بلغ الماء رأسها صعدت".
[29363]:- (3) وله شاهد من حديث عائشة رواه الطبراني في المعجم الأوسط برقم (3591) والحاكم في المستدرك (2/342) من طريق سعيد بن أبي مريم، عن موسى بن يعقوب، عن فائد مولى عبيد الله بن علي بن أبي رافع: أن إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي ربيعة أخبره أن عائشة أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لو رحم الله من قوم نوح أحدًا لرحم أم الصبي" وذكره نحوه، وقال الحاكم: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه" وتعقبه الذهبي بقوله: "إسناد مظلم، وموسى بن يعقوب المذكور في إسناده ليس بذاك".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَقَالَ نُوحٞ رَّبِّ لَا تَذَرۡ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ دَيَّارًا} (26)

وقوله : وَقالَ نُوحٌ رَبّ لا تَذَرْ على الأرْضِ مِنَ الكافِرِينَ دَيّارا ويعني بالدّيار من يدور في الأرض ، فيذهب ويجيء فيها وهو فَيْعال من الدوران ديوارا ، اجتمعت الياء والواو ، فسبقت الياء الواو وهي ساكنة ، وأدغمت الواو فيها ، وصيرتا ياء مشددة ، كما قيل : الحيّ القيام من قمت ، وإنما هو قيوام : والعرب تقول : ما بها ديار ولا عريب ، ولا دويّ ، ولا صافر ، ولا نافخ ضرمة ، يعني بذلك كله : ما بها أحد .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَقَالَ نُوحٞ رَّبِّ لَا تَذَرۡ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ دَيَّارًا} (26)

روى محمد بن كعب والربيع وابن زيد ، أن نوحاً عليه السلام لم يدع بهذه الدعوة إلا بعد أن أخرج الله تعالى كل مؤمن من أصلابهم وأعقم أرحام النساء قبل العذاب بسبعين سنة ، قال قتادة : وبعد أن أوحى الله تعالى إليه أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن . وقد كان قبل ذلك طامعاً حدباً عليهم . وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم «أنه ربما ضربه ناس منهم أحياناً حتى يغشى عليه ، فإذا أفاق قال : اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون »{[11354]} . و { ديَّاراً } أصله ديواراً وهو فِيعَال من الدوران أي من يجيء ويذهب يقال منه دوار وزنه فيعال أصله ديوار ، وهذا كالقوام والقيام .


[11354]:أخرجه البخاري في الأنبياء والمرتدين، ومسلم في الجهاد، وابن ماجه في الفتن، وأحمد في مسنده في أكثر من موضع، ولفظه كما جاء في البخاري عن شقيق، عن عبد الله: ( كأني انظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحكي نبيا من الأنبياء ضربه قومه فأدموه فهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون)، ولم يصرح بأنه نوح عليه السلام، بل جاء في كل هذه المراجع: (يحكي نبيا من الأنبياء).