الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَقَالَ نُوحٞ رَّبِّ لَا تَذَرۡ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ دَيَّارًا} (26)

قوله : { دَيَّاراً } : قال الزمخشري : " دَيَّار من الأسماءِ المستعملةِ في النفيِ العامِّ . يقال : " ما بالدار دَيَّارٌ ودَيُّورٌ " ، كقَيَّام وقَيُّوم . وهو فَيْعال من الدُّور أو مِنْ الدار . أصلُه دَيْوار ففُعِل به ما يُفْعَلُ بأصلِ سَيِّد ومَيَّت ، ولو كان فَعَّالاً لكان دَوَّاراً " انتهى . يعني أنه كان ينبغي أَنْ تَصِحَّ واوُه ولا تُقْلَبَ ياءً . وهذا نظيرُ ما تقدَّم له من البحثِ في " متحيِّز " ، وأنَّ أصلَه مُتَحَيْوِز مُتَفَيْعِل ، لا مُتَفَعِّل ، إذ كان يلزمُ أَنْ يكونَ مُتَحَوِّزاً ، لأنه من الحَوْز . ويقال أيضاً . فيه دَوَّار نحو : قَيَّام وقَوَّام .

وقال مكي : " وأصلُه دَيْوار ، ثم أَدْغَموا الواوَ في الياءِ مثلَ " مَيِّت " أصلُه مَيْوِت ، ثم أَدْغموا الثاني في الأولِ . ويجوز أَنْ يكونَ أَبْدلوا من الواوِ ياءً ، ثم أدغموا الياءَ الأولى في الثانية " . قلت : قولُه : " أدغموا الثاني في الأول " هذا لا يجوزُ ؛ إذ القاعدةُ المستقرةُ في المتقارَبَيْنِ قَلْبُ الأولِ للثاني ، ولا يجوزُ العكسُ إلاَّ شذوذاً ، أو لضرورةٍ صناعيةٍ . أمَّا الشذوذُ فكقراءةِ : " وَاذَّكَرَ " [ يوسف : 45 ] بالذالِ المعجمةِ و " فَهَلْ مِن مُّذَّكِرٍ " [ القمر : 15 ]بالمعجمةِ أيضاً . وقد مَضَى تحقيقُه . وأمَّا الضرورةُ الصناعيةُ فنحو : " امدحْ هِلالاً " بقَلْبِ الهاءِ حاءً ؛ لئلا يُدْغَمَ الأقوى في الأضعفِ ، وهذا يَعْرِفُه مَنْ عانى التصريفَ .