فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَقَالَ نُوحٞ رَّبِّ لَا تَذَرۡ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ دَيَّارًا} (26)

{ وَقَالَ نُوحٌ رَّبّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأرض مِنَ الكافرين دَيَّاراً } معطوف على { قَالَ نُوحٌ رَّبّ إِنَّهُمْ عصوني } لما أيس نوح عليه السلام من إيمانهم وإقلاعهم عن الكفر دعا عليهم بالهلاك . قال قتادة : دعا عليهم بعد أن أوحي إليه : { إنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن } [ هود : 36 ] فأجاب الله دعوته وأغرقهم . وقال محمد بن كعب ومقاتل والربيع بن أنس وابن زيد وعطية : إنما قال هذا حين أخرج الله كلّ مؤمن من أصلابهم وأرحام نسائهم ، وأعقم أرحام النساء وأصلاب الآباء قبل العذاب بسبعين سنة . وقيل : بأربعين . قال قتادة : لم يكن فيهم صبيّ وقت العذاب . وقال الحسن وأبو العالية : لو أهلك الله أطفالهم معهم كان عذاباً من الله لهم ، وعدلاً فيهم ، ولكن أهلك ذرّيتهم وأطفالهم بغير عذاب ثم أهلكهم بالعذاب ، ومعنى { دَيَّاراً } : من يسكن الديار ، وأصله ديوار على فيعال ، من دار يدور ، فقلبت الواو ياء وأدغمت إحداهما في الأخرى ، مثل القيام أصله قيوام ، وقال القتيبي : أصله من الدار : أي نازل بالدار . يقال : ما بالدار ديار : أي أحد . وقيل الديار : صاحب الديار ، والمعنى : لا تدع أحداً منهم إلاّ أهلكته .

/خ28