معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِي جَمَعَ مَالٗا وَعَدَّدَهُۥ} (2)

ثم وصفه فقال : { الذي جمع مالاً } قرأ أبو جعفر ، وابن عامر ، وحفص ، وحمزة ، والكسائي : { جمع } بتشديد الميم على التكثير ، وقرأ الآخرون بالتخفيف . { وعدده } أحصاه ، وقال مقاتل : استعده وادخره وجعله عتاداً له ، يقال : أعددت الشيء وعددته إذا أمسكته .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{ٱلَّذِي جَمَعَ مَالٗا وَعَدَّدَهُۥ} (2)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

الذي جمع مالاً وأحصى عدده ، ولم ينفقه في سبيل الله ، ولم يؤدّ حقّ الله فيه ، ولكنه جمعه فأوعاه وحفظه ...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

قرئ على التخفيف . جمع من الجمع ، أي جمع ماله عنده ، ولم يفرقه ، وعدده ، وذكره ، أي حفظ عدده ، وذكره على الدوام لئلا ينقصه ، وصفه بالبخل والشح . ومن قرأ بالتشديد فمعناه أنه جمعه ، وادّخر بمر الزمان ، ولم يجمع ذلك في أيام قصيرة . والأصل : جمعه بالتخفيف ، لكن شدده لما فيه من زيادة الجمع . ...

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

فيه أربعة أوجه :

أحدها : يعني أحصى عدده ، قاله السدي .

الثاني : عددّ أنواع ماله ، قاله مجاهد .

الثالث : لما يكفيه من السنين ، قاله عكرمة .

الرابع : اتخذ ماله لمن يرثه من أولاده .

ويحتمل خامساً : أنه فاخر بعدده وكثرته ...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

... قيل : { عدّده } جعله عدة لحوادث الدهر .

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

وإنما وصفه الله تعالى بهذا الوصف لأنه يجري مجرى السبب والعلة في الهمز واللمز وهو إعجابه بما جمع من المال ، وظنه أن الفضل فيه لأجل ذلك فيستنقص غيره . ....وأما قوله : { مالا } فالتنكير فيه يحتمل وجهين؛

( أحدهما ) : أن يقال : المال اسم لكل ما في الدنيا كما قال : { المال والبنون زينة الحياة الدنيا } فمال الإنسان الواحد بالنسبة إلى مال كل الدنيا حقير ، فكيف يليق به أن يفتخر بذلك القليل.

( والثاني ) : أن يكون المراد منه التعظيم أي مال بلغ في الخبث والفساد أقصى النهايات . فكيف يليق بالعاقل أن يفتخر به ؟

أما قوله : { وعدده } ففيه وجوه؛

أحدها أنه مأخوذ من العدة وهي الذخيرة يقال : أعددت الشيء لكذا وعددته إذا أمسكته له وجعلته عدة وذخيرة لحوادث الدهر.

( وثانيها ) : عدده أي أحصاه وجاء التشديد لكثرة المعدود كما يقال : فلان يعدد فضائل فلان ، ولهذا قال السدي : وعدده أي أحصاه يقول : هذا لي وهذا لي، يلهيه ماله بالنهار فإذا جاء الليل كان يخفيه.

( وثالثها ) : عدده أي كثره يقال : في بني فلان عدد أي كثرة ، وهذان القولان الأخيران راجعان إلى معنى العدد ، والقول الثالث إلى معنى العدة ....

محاسن التأويل للقاسمي 1332 هـ :

قال الإمام : أي أن الذي يحمله على الحط من أقدار الناس هو جمعه المال وتعديده ، أي عده مرة بعد أخرى شغفا وتلذذا بإحصائه ؛ لأنه لا يرى عزا ولا شرفا ولا مجدا في سواه . فكلما نظر إلى كثرة ما عنده منه انتفخ وظن أنه من رفعة المكانة بحيث يكون كل ذي فضل ومزية دونه ، فهو يهزأ به ويهمزه ويلمزه ، ثم لا يخشى أن يصيبه عقوبة على الهمز واللمز وتمزيق العرض ؛ لأن غروره بالمال أنساه الموت ، وصرف عنه ذكر المآل ، فهو{ يحسب أن ماله أخلده } . ...

أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن للشنقيطي 1393 هـ :

وليس العيب في جَمَع مالاً ؛ بل في عدده ، يحسب أن ماله أخلده . وفي عدده عدة معان : قيل : عدَّده كل وقت وآخر ، تحفظًا عليه . وقيل : عدده كنزه . [...] والمراد به من لم يؤد حق الله فيه شحاً وبخلا ، كما تقدم في سورة { أَلْهَاكُمُ التَّكَّاثُرُ } . ...

التيسير في أحاديث التفسير للمكي الناصري 1415 هـ :

هذا وعيد من الله بالخصوص لأولئك الذين يطغيهم الغنى والمال ، فينظرون إلى من دونهم من الفقراء نظرة التحقير والازدراء ، ويتخذون منهم مادة رخيصة لسخريتهم وهمزهم ولمزهم من أجل كونهم ضعفاء . ...

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

ثمّ تذكر الآية التالية منبع ظاهرة اللمز والهمز في الأفراد ، وترى أنّها تنشأ غالباً من كبر وغرور ناشئين بدورهما من تراكم الثروة لدى هؤلاء الأفراد ، وتقول : { الذي جمع مالاً وعدّده } بطريق مشروع أو غير مشروع . فهو انشدّ بالمال انشداداً جعله منشغلاً دائماً بعدّ المال والالتذاذ ببريق الدرهم والدينار . تحول الدرهم والدينار عنده إلى وثن ، ويرى فيه شخصيته ، وينظر من خلاله أيضاً إلى شخصية الآخرين . ومن الطبيعي أن يكون تعامل مثل هذا الإنسان الضال الأبله بالسخرية والاستهزاء مع المؤمنين الفقراء . «عدده » من ( عدّ ) بمعنى حَسَب . وقيل : من ( العُدّة ) ، بمعنى تجهيز الأموال ليوم الشدّة . وقيل : إنّها تعني أمسكه وحفظه . والمعنى الأوّل أظهر . على أي حال ، هذه الآية تقصد الذين يدخّرون الأموال ولا ينظرون إليها باعتبارها وسيلة ؛ بل هدفاً ، ولا يحدهم قيد أو شرط في جمعها ، حتى ولو كان من طريق الحرام والاعتداء على حقوق الآخرين ، وارتكاب كلّ دنيئة ورذيلة ، ويعتبرون ذلك دليلاً على عظمتهم وشخصيتهم . هؤلاء لا يريدون المال لسد حاجاتهم الحياتية ، ولذلك يزداد حرصهم على جمع المال كلّما كثرت أموالهم . وإلاّ فإن المال في الحدود المعقولة ومن الطرق المشروعة ليس بمذموم ؛ بل إنّ القرآن الكريم عبّر عنه في موضع بأنّه «فضل اللّه » حيث يقول تعالى : { وابتغوا من فضل اللّه } . وفي موضع آخر يسميه خيراً ، كقوله سبحانه : { كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصية } . مثل هذا المال ليس بالتأكيد مبعث طغيان ، ولا وسيلة تفاخر ، ولا دافع سخرية بالآخرين . لكن المال الذي يصبح معبوداً وهدفاً نهائياً ، ويدعو أصحابه من أمثال «قارون » إلى الطغيان ، هو العار والذلة والمأساة ومبعث البعد عن اللّه والخلود في النّار . ومثل هذا المال لا يمكن جمعه وعدّه إلاّ بالسقوط في أوحال الحرام .....

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{ٱلَّذِي جَمَعَ مَالٗا وَعَدَّدَهُۥ} (2)

{ الذي جمع مالا وعدده } أعده للدهر ، وقيل : أكثر عدده .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{ٱلَّذِي جَمَعَ مَالٗا وَعَدَّدَهُۥ} (2)

قوله تعالى : { الذي جمع مالا وعدده }

أي أعده - زعم - لنوائب الدهر ، مثل كرم وأكرم . وقيل : أحصى عدده ، قاله السدي . وقال الضحاك : أي أعد مالا لمن يرثه من أولاده . وقيل : أي فاخر بعدده وكثرته . والمقصود الذم على إمساك المال عن سبيل الطاعة ، كما قال : { مناع للخير }{[16365]} [ ق : 25 ] ، وقال : { وجمع فأوعى }{[16366]} [ المعارج : 18 ] . وقراءة الجماعة " جمع " مخفف الميم ، وشددها ابن عامر وحمزة والكسائي على التكثير ، واختاره أبو عبيد ؛ لقوله : " وعدده " . وقرأ الحسن ونصر بن عاصم وأبو العالية " جمع " مخففا ، " وعدده " مخففا أيضا ، فأظهروا التضعيف ؛ لأن أصله عده وهو بعيد ؛ لأنه وقع في المصحف بدالين . وقد جاء مثله في الشعر ؛ لما أبرزوا التضعيف خففوه . قال :

مهلاً أمامةُ{[16367]} قد جرَّبْتِ من خُلُقِي *** إني أجُودُ لأقوامٍ وإن ضَنِنُوا

أراد : ضنوا وبخلوا ، فأظهر التضعيف ؛ لكن الشعر موضع ضرورة . قال المهدوي : من خفف " وعدده " فهو معطوف على المال ، أي وجمع عدده فلا يكون فعلا على إظهار التضعيف ؛ لأن ذلك لا يستعمل إلا في الشعر .


[16365]:آية 25 سورة ق، وآية 12 سورة ن.
[16366]:آية 18 سورة المعارج.
[16367]:في اللسان وكاب سيبويه: "مهلا أعاذل". وقد نسباه لقعنب بن أم صاحب.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{ٱلَّذِي جَمَعَ مَالٗا وَعَدَّدَهُۥ} (2)

ولما كان الذي يفعل النقيصة من غير حاجة تحوجه إليها أقبح حالاً ، وكان المتمول عندهم هو الرابح ، وهم يتفاخرون بالربح ، ويعدون الفائز به من ذوي المعالي ، قال مقيداً ل " كل " بالوصف مبيناً الخاسر كل الخسارة : { الذي جمع } ولما كان مطلق الجمع يدل على الكثرة ، جاء التشديد في فعله لأبي جعفر وابن عامر وحمزة والكسائي ، وخلت تصريحاً بما علم تلويحاً ودلالة على أن المقصود به من جعل الدنيا أكبر همه ، والتخفيف لمن عداهم اكتفاء بأصل مدلوله بخلاف عدد ، فإن مجرده يكون لما قل ، ولهذا أجمعوا على التضعيف فيه : { مالاً } أي عظيماً ، وأكد مراد الكثرة بقوله : { وعدده } أي جعله بحيث إذا أريد عدده طال الزمان فيه وكثر التعداد ، أو ادخره وأمسكه إعداداً لما ينوبه في هذه الدنيا المنقضية .