فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{ٱلَّذِي جَمَعَ مَالٗا وَعَدَّدَهُۥ} (2)

وقوله { الذي جمع مالا وعدده } بدل من كل ، أو في محل نصب على الذم ، وهذا أرجح ؛ لأن البدل يستلزم أن يكون المبدل منه في حكم الطرح أو تعليل لما قبله ، وإنما وصفه سبحانه بهذا الوصف لأنه يجري مجرى السبب والعلة في الهمز واللمز ، وهو إعجابه بما جمع من المال ، وظنه أنه الفضل ، فلأجل ذلك يتنقص غيره .

قرأ الجمهور ( جمع ) مخففا ، وقرئ مثقلا . قال الرازي : الفرق أن التشديد يفيد أنه جمعه من ههنا ومن ههنا ، ولم يجمعه في يوم واحد ، ولا في يومين ، ولا في شهر ، ولا في شهرين ، وإن التخفيف لا يفيد ذلك ، ونكر { مالا } للتعظيم ، أي مالا بلغ في الخبث والفساد أقصى النهايات ، فكيف يليق بالعاقل أن يفتخر به .

وقرأ الجمهور { وعدده } مشددا ، وقرئ بالتخفيف والتشديد في الكلمتين ، يدل على التكثير ، وهو جمع الشيء بعد الشيء ، وتعديده مرة بعد أخرى . قال الفراء : معنى ( عدده ) أحصاه ، فهو مأخوذ من العد . وقال الزجاج : وعدده لنوائب الدهور . يقال : أعددت الشيء وعددته إذا أمسكته . قال السدي : أحصى عدده . وقال الضحاك : أعد ماله لمن يرثه . وقيل : المعنى فاخر بكثرته وعدده .

والمقصود ذمه على جمع المال وإمساكه وعدم إنفاقه في سبل الخير . وقيل : المعنى على قراءة التخفيف في عدده أنه جمع عشيرته وأقاربه ، قال المهدوي : من خفف ( وعدده ) فهو معطوف على المال ، أي وجمع عدده .