معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَٱلۡمُدَبِّرَٰتِ أَمۡرٗا} (5)

{ فالمدبرات أمراً } قال ابن عباس : هم الملائكة وكلوا بأمور عرفهم الله عز وجل العمل بها . قال عبد الرحمن بن سابط : يدبر الأمور في الدنيا أربعة : جبريل ، وميكائيل ، وملك الموت ، وإسرافيل ، عليهم السلام ، أما جبريل : فموكل بالوحي والبطش وهزم الجيوش ، وأما ميكائيل : فموكل بالمطر والنبات والأرزاق ، وأما ملك الموت : فموكل بقبض الأنفس ، وأما إسرافيل : فهو صاحب الصور لا ينزل إلا للأمر العظيم . وجواب هذه الأقسام محذوف ، على تقدير : لتبعثن ولتحاسبن . وقيل : جوابه قوله : { إن في ذلك لعبرة لمن يخشى }( النازعات-25 ) . وقيل : فيه تقديم وتأخير ، تقديره : { يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة } والنازعات غرقاً .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَٱلۡمُدَبِّرَٰتِ أَمۡرٗا} (5)

مدبرات ما يوكل من الأمور إليها . .

/خ5

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَٱلۡمُدَبِّرَٰتِ أَمۡرٗا} (5)

و { المدبرات } : الموصوفةُ بالتدبير .

والتدبير : جَوَلان الفكر في عواقب الأشياء وبإجراء الأعمال على ما يليق بما توجد له فإن كانت السابحات جماعات الملائكة ، فمعنى تدبيرها تنفيذ ما نيط بعهدتها على أكمل ما أذنت به فعبر عن ذلك بالتدبير للأمور لأنه يشبه فعل المدبر المتثبت .

وإن كانت السابحات خيلَ الغزاة فالمراد بالتدبير : تدبير مكائد الحرب من كرّ ، وفر ، وغارة ، وقتل ، وأسر ، ولحاق للفارين ، أو ثبات بالمكان . وإسناد التدبير إلى السابحات على هذا الوجه مجاز عقلي لأن التدبير للفُرسان وإنما الخيل وسائل لتنفيذ التدبير ، كما قال تعالى : { وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق } [ الحج : 27 ] ، فأسند الإِتيان إلى ضمير { كل ضامر } من الإِبل لأن إتيان الحجيج من الفجاج العميقة يكون بسير الإِبل .

وفي هذا المجاز إيماء إلى حِذق الخيل وسرعة فهمها مقاصد فرسانها حتى كأنها هي المدبرة لما دبره فرسانها .

والأمر : الشأن والغرض المهم وتنوينه للتعظيم ، وإفراده لإِرادة الجنس ، أي أموراً .

وينتظم من مجموع صفات { النازعات } ، و { الناشطات } ، و { السابحات } ، إذا فهم منها جماعات الرماة والجَمَّالَة والفرساننِ أن يكون إشارة إلى أصناف المقاتلين من مُشاة وهم الرماة بالقِسي ، وفرسان على الخيل وكانت الرماة تمشي قدَّام الفرسان تنضح عنهم بالنبال حتى يبلغوا إلى مكان الملحمة .

قال أُنيْف بن زَبَّان الطائي :

وتَحْتَ نحور الخَيْل خرْشَفُ رَجْلَةٍ *** تُتَاح لغِرَّاتِ القُلوب نِبَالُها

ولتحمل الآية لهذه الاحتمالات كانت تعريضاً بتهديد المشركين بحرب تشن عليهم وهي غزوة فتح مكة أو غزوة بدر مثل سورة ( والعاديات ) وأضرابها ، وهي من دلائل نبوءة محمد صلى الله عليه وسلم إذ كانت هذه التهديدات صَريحُها وتعريضُها في مدة مقامة صلى الله عليه وسلم بمكة والمسلمون في ضعف فحصل من هذا القَسم تعريض بعذاب في الدنيا .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{فَٱلۡمُدَبِّرَٰتِ أَمۡرٗا} (5)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

فالملائكة المدبرة ما أُمِرَت به من أمر الله...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

"فالمدبرات أمرا" قالوا جميعا: المراد منها الملائكة الموكلون بأمور الخلق وأرزاقهم ونحو ذلك، والله أعلم.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

...لا أحفظ خلافاً أنها الملائكة ومعناه أنها تدبر الأمور التي سخرها الله تعالى وصرفها فيها كالرياح والسحاب وسائر المخلوقات...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{فالمدبرات} أي الناظرات في أدبار الأمور وعواقبها لإتقان ما أمروا به في الأرواح وغيرها {أمراً} أي عظيماً... والجواب محذوف إشارة إلى أنه من ظهور العلم به -بدلالة ما قبله وما بعده عليه- في حد لا مزيد عليه، فهو بحيث لا يحتاج إلى ذكره فحذفه كإثباته بالبرهان فتقديره: لتذهبن بالدنيا التي أنتم بها مغترون لنزعنا لها من محالها وتقطيع أوصالها، فإن كل ما تقدم من أعمال ملائكتنا هو من مقدمات ذلك...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

و {المدبرات}: الموصوفةُ بالتدبير. والتدبير: جَوَلان الفكر في عواقب الأشياء وبإجراء الأعمال على ما يليق بما توجد له فإن كانت السابحات جماعات الملائكة، فمعنى تدبيرها تنفيذ ما نيط بعهدتها على أكمل ما أذنت به فعبر عن ذلك بالتدبير للأمور لأنه يشبه فعل المدبر المتثبت. وإن كانت السابحات خيلَ الغزاة فالمراد بالتدبير: تدبير مكائد الحرب من كرّ، وفر، وغارة، وقتل، وأسر، ولحاق للفارين، أو ثبات بالمكان. وإسناد التدبير إلى السابحات على هذا الوجه مجاز عقلي لأن التدبير للفُرسان وإنما الخيل وسائل لتنفيذ التدبير، كما قال تعالى: {وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق} [الحج: 27]، فأسند الإِتيان إلى ضمير {كل ضامر} من الإِبل لأن إتيان الحجيج من الفجاج العميقة يكون بسير الإِبل. وفي هذا المجاز إيماء إلى حِذق الخيل وسرعة فهمها مقاصد فرسانها حتى كأنها هي المدبرة لما دبره فرسانها. والأمر: الشأن والغرض المهم وتنوينه للتعظيم، وإفراده لإِرادة الجنس، أي أموراً. وينتظم من مجموع صفات {النازعات}، و {الناشطات}، و {السابحات}، إذا فهم منها جماعات الرماة والجَمَّالَة والفرسانِ أن يكون إشارة إلى أصناف المقاتلين من مُشاة وهم الرماة بالقِسي، وفرسان على الخيل وكانت الرماة تمشي قدَّام الفرسان تنضح عنهم بالنبال حتى يبلغوا إلى مكان الملحمة...

.